مضمون اللحظة

مصر تستهدف تحقيق 60% اكتفاء ذاتي من القمح بحلول 2025

تستهف مصر تحقيق 60% اكتفاء ذاتي من القمح بحلول 2025، وهي السلعة الاستراتيجية الأهم في البلد الأكبر في تعداد السكان بشمال افريقيا، حيث يمثل القمح عنصر غذائي أساسي في وجبات المصرين بعد صناعته كخبز.

 

قال الدكتور رضا محمد على رئيس المشروع القومي للنهوض بالقمح، إن الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة للنهوض بزراعات القمح، مشيرًا إلى أنه من المستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح لـ 60% بحلول 2025.

 

وأضاف خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “من مصر” الذي يقدمه الإعلامي عمرو خليل، على قناة “سي بي سي”، إن الدولة تعمل على زيادة مساحات القمح المنزرعة بنسبة 500 الف فدان، سنويًا، في ظل المشروعات الزراعية المختلفة، مضيفًا:” قادرين عل التحدي ونعمل على استناط أصناف جديدة قادرة على التلائم مع التغيرات الظروف، حيث يوجد أصناف تتحمل الظروف القاسية والحرارة العالية، وقدرتها الإنتاجية 26 أردب”.

 

وواصل: “قادرون على التحدي، حيث يوجد خطط موضوعة ومحاور مختلفة تعمل عليها الدولة المصرية”.  

 

 

ما نشره «مضمون» يتحقق

 

وفي تقرير سابق نشره «مضمون»، توقع تحقيق مصر قدر كبير من خطتها نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وجاء في كالتالي:

 

 

  لم تقتصر تبعات الحرب الروسية الأوكرانية على حدود الدولتين المتصارعتين، بعد أن أصبحت أزمة عابرة للحدود، حيث تعددت آثارها السلبية على الدول حول العالم، فحدث أزمات غذائية وصناعية وتجارية، وكذلك أزمة في الوقود وخاصة الغاز، وكانت الأكثر تأثيرا على مصر هي أزمة القمح، حيث تعد مصر أكبر مستوردي القمح على مستوي العالم، وروسيا واكرانيا أهم مورد لمصر.

ومنذ أزمة كورونا التي لم يفق العالم منها، اهتمت مصر بمحاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية، خاصة القمح الذي يعتبر أهم شريك أساسي في موائد الطعام لدي المصريين، بجميع فئاتهم وطبقاتهم، ما دفع الحكومة المصرية للاتجاه نحو دفع المزارعين لزراعة القمح وتشجيعهم بالحوافز والأسعار لزراعة المحصول الأهم لديها، لتحقيق أكبر قدر من المنتج لتقليل الاستيراد والحفاظ على العملة الصعبة التي تحتاجها دائما، فكان أهم الحلول الاهتمام بالتخزين، وهو ما يعني بناء وتدشين مزيدا من الصوامع لتخزين الغلال لتقليل الهدر.

 

 

الجهود الدولية لدعم أمن مصر الغذائي

 

ومؤخرا، أعلن الاتحاد الأوربي عن دعم أمن الغذاء بمصر بقيمة 100 مليون يورو سيخصص لتحسين السعة التخزينية للقمح ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الزراعي، وفقًا لما أعلنه أوليفر فارهيلي، مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع، على مواقع التواصل الاجتماعي عقب زيارته للقاهرة أبريل الماضي.

 

كما يمكن أن تحصل مصر على 117.5 مليون دولار أخرى لزيادة السعة التخزينية لديها إذا وافق البنك الدولي على برنامج تمويل للأمن الغذائي بقيمة 500 مليون دولار والذي سيمكن مصر أيضا من استيراد 700 ألف طن أخرى من القمح.

 

وسيجري إنفاق ثلاثة أرباع التمويل على إنشاء صوامع جديدة ستمكن مصر من تخزين 300 ألف طن أخرى من القمح، فيما ستضخ الـ 25 مليون يورو الأخرى في البرامج التأمينية وشراء الآلات لصغار المزارعين، هذا بحسب ما اوردته “أنتربريز”.

 

هذا الاتفاق يأتي ضمن جهود الدولة المصرية الرامية إلى تأمين السلعة الاستراتيجية الأهم بالنسبة لمواطنيها عبر مشروع قومي للصوامع، فمحاولات الدولة تارة لجذب مزيد من التمويلات سواء من الاتحاد الأوروبي وتارة أخرى لجذب استثمارات من الدول العربية، أو المنظمات المعنية بالأمن الغذائي العالمي لم يكن وليد الصدفة، وإنما وفق استراتيجية مُمنهجة أتبعتها مصر وتيقن إليها الرئيس السيسي منذ أكثر من خمس سنوات، يمكن استعراض ملامحها عبر السطور القادمة.  

 

 

احتياطي مخزون القمح عام 2017 لم يكفٍ إلا لنحو 18 يومًا فقط

 

 

محصول القمح في مصر

 

 

بحسب دراسة أجراها المركز المصري للفكر والدراسات، في عام 2007 كان عدد الصوامع في مصر 28 صومعة فقط، والتخزين كان يتم في شون مما ترتب عليه أن نسبة الهدر كانت تتراوح ما بين 10-15%، كما كانت تصل السعات التخزينية في 2014 إلى ما يقرب من 1.2 مليون طن تخزين، كما أعلن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار عبر مقطع فيديو بعنوان «الجهود المصرية لتأمين إمدادات القمح في ظل الأزمة الأوكرانية الروسية» بأن الاحتياطي الاستراتيجي للقمح عام 2017 لم يكفٍ إلا لنحو 18 يومًا فقط.

 

 

وتلك الأرقام تشير إلى أنه على مدار السنوات الماضية كانت الأقماح تتعرض لهدر في كميات كبيرة تتراوح بين 600 ألف إلى 800 ألف طن قمح سنويًا بداية من الحصاد والنقل ووصولاً إلى التخزين وبالتالي شكل هذا الإهدار عبئًا متزايدًا على الاقتصاد المصري وإهدارًا للموارد دون استفادة منه، لذلك فقد كانت هناك حاجه مُلحة بالتوسع في إنشاء صوامع حديثة تعمل وفق أحدث نظم التكنولوجيا بجانب تطوير الشون الترابية وتحويلها إلى شون حديثة متطورة.  

 

 

المشروع القومي للصوامع.. مصر تحافظ على آمنها الغذائي

صوامع القمح في مصر
صوامع القمح في مصر

 

 

بفضل القيادة السياسية وتفكيرها المستقبلي لتأمين الأمن الغذائي للمصريين، أطلق الرئيس السيسي “المشروع القومي لإقامة صوامع الغلال” بهدف زيادة قدرات التخزين بأحدث المواصفات العالمية التكنولوجية بهذا المجال ونقذته الدولة بداية من 2017، ويتضمن تنفيذ وإنشاء 50 صومعة لتخزين القمح والغلال في 17 محافظة بطاقة تخزينية تصل إلى 1.5 مليون طن وهي: برقاش بالجيزة وميت غمر وشربين بالدقهلية والقنطرة شرق شمال سيناء وطنطا بالغربية ومنوف بالمنوفية وهيا بالشرقية ودمنهور بالبحيرة والصباحية بالإسكندرية وقنا وشرق العوينات بالوادي الجديد وبنها بالقليوبية وبني سويف والفيوم وبهنسة والشيخ فضل.

 

 

منظومة رقمية لصوامع القمح باستخدام تقنيات IBM للذكاء الاصطناعي والسحابة الهجينة

 

بداخل المنظومة الجديدة للصوامع، كان هناك حرص كبير على إتباعها لأحدث التكنولوحيا العالمية؛ لتقليل الهادر وأيضًا للحفاظ على جودته لأطول فترة مُمكنة، وبالتالي ففي إطار خطة وزارة التموين تجاه التحول الرقمي، قامت الوزارة مُمثلة في الشركة المصرية للصوامع والتخزين بالتعاون مع شركة IBM – ACME SAICO بإنشاء منصة آليه مدعومة بالذكاء الاصطناعية وتكنولوجيا السحابة الهجينة لتحقيق الحوكمة الشاملة لجميع مراحل الشحن والنقل والتخزين الخاصة بتداول القمح بالصوامع، وبمقتضاها فقد تم ميكنة قرابة 22 صومعة قمح في عدة محافظات باستخدام برمجيات IBM للميكنة والمدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي بنهاية عام 2021.

ويتم تزويد المنظومة الجديدة بأجهزة استشعار مثبتة بالصوامع تعمل على جمع وحفظ البيانات وارسالها لحظيًا إلى المنصة الرئيسية بوزارة التموين للحصول على تقديرات فعلية لكميات وجودة القمح بالصوامع، وبناءً عليها ستتمكن الشركة القابضة للصوامع والتخزين من مراقبة ومعرفة المخزون الفعلي في الصوامع وحفظ جميع البيانات المتعلقة بالشحنات الواردة لتحقيق معايير الجودة وتقليل الهدر وتحسين آليات التواصل والتنسيق بين الصوامع وجميع نقاط التخزين الأخرى وكذلك مع المطاحن.

 

 

استثمارات إماراتية-إيطالية في مشروع تدشين وتطوير الصوامع

 

 

بحسب تصريحات سابقة للدكتور على مصليحي وزير التموين، فالمشروع القومي للصوامع يتم تنفيذه بالتنسيق مع دولة الإمارات وتم إنشائها بالفعل في 17 محافظة بالتعاون بطاقة تخزينية تصل إلى 1.5 مليون طن ضمن المرحلة الأولى للمشروع، والمرحلة الثانية ستتضمن 25 صومعة بدأ العمل على إنشائها في 2021 بطاقة تخزينية تصل إلى 30 ألف طن للصومعة وتوفر طاقات تخزينية تصل إلى 750 ألف طن، كما يتم تنفيذ صوامع أفقية مع إيطاليا ضمن برنامج مبادلة الديون والذي تم تحصيص جزب منه لمشروعات التموين والتجارة الداخلية بتمويل يصل لحوالي 365 مليون جنيه سيتم الاستفادة منها في إقامة عدد من الصوامع.

 

 

كما أورد التقرير السنوى 2021 لوزارة التعاون الدولي أنه في إطار الجهود المبذولة مع شركاء التنمية، لتطوير قطاع تخزين القمح في ظل تطور التقنيات الحديثة للزراعة والتخزين، عملت وزارة التعاون الدولي، بالتعاون مع وزارة التموين والتجارة الداخلية وشركاء التنمية، لتوفير التمويلات التنموية للمشروعات التي تحسن سلاسل توريد القمح في مصر، وخلال 2021، وضعت د.رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، ود.علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، بمشاركة اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، حجر أساس صومعة تخزين القمح بميناء غرب بورسعيد، بتمويل من صندوق الأوبك للتنمية الدولية OFID بسعة تخزينية حوالي ١٠٠٠٠٠ طن ، حيث تستهدف الصومعة الجديدة تقليل كمية القمح المفقودة والحفاظ على جودة القمح لفترة أطول من الوقت ، ورفع إجمالي السعات التخزينية لصوامع القمح على مستوى الجمهورية لمستوى ٣،٥ مليون طن.

 

 

كما شهد العام نفسه افتتاح المركز الإقليمي لتكنولوجيا تخزين وتداول الحبوب بمنطقة برقاش بالجيزة، لتعزيز وزيادة كفاءة منظومة إدارة وتخزين القمح في مصر بما يحقق الأمن الغذائي، وذلك ضمن المشروعات المنفذة في إطار المنحة الإماراتية بقيمة ٣٠٠ مليون دولار، والمخصصة لتطوير ٢٥ صومعة، ويهدف المركز إلى أن يصبح مركزًا إقليميًا لتدريب المزارعين في مجال تكنولوجيا تخزين الحبوب، وإدارة وتشغيل الصوامع.

 

تأثير مشروع الصوامع على احتياطيات القمح

 

 

وزير التموين
وزير التموين



وفقا لتصريحات الدكتور على مصيلحي وزير التموين في نهاية مايو الماضي، فمصر تمتلك احتياطي استراتيجي من القمح يُمكنها من تغطية احتياجاتها لمدة أربعة أشهر، هذا بجانب استمرار عملية التوريد من المُزارعين المحليين والتي تتطلع الحكومة إلى حصد قرابة 6 مليون طن ولكن ما تم توريده لها 3.4 مليون طن فقط حتى الأن وفقا لبيان وزارة الزراعة الصادر مؤخرًا، وتلك الكميات ما كانت الدولة تنجح في جمعها وتوفيرها في ظل أزمة عالمية الا بوجود صوامع وشون قادرة على حفظها لأطول فترة ممُكنة –يمكن أن تصل إلى نهاية 2022- وفقًا لما تُخطط لها الحكومة.

وقد أعلن عدد من المحافظين عن اكتمال الصوامع السعة التخزينية الموجودة بمحافظاتهم بمحصول القمح، منهم محافظ أسوان اللواء أشرف عطية محافظ أسوان الذي أكد عن اكتمال السعة التخزينية لصومعة الراجحى بتوشكى التابعة لشركة مصر العليا للمطاحن والتى تصل طاقتها إلى 30 ألف طن ، ووصول الكميات الموردة إليها بزيادة 268 طنا عن السعة الفعلية.

وفى الوادى الجديد، أعلن الدكتور مجد المرسى وكيل وزارة الزراعة بالوادى الجديد، أن إجمالى ما تم توريده من محصول القمح بلغ حتى الآن 210 ألف طن، وجرى غلق أول صومعة لتخزين محصول القمح على مستوى الجمهورية بمنطقة شرق العوينات، وتصل سعة تخزينها 60 ألف طن، وتم بالفعل تخزين 59996.010 طن، وجارٍ العمل على تحويل محصول القمح لصومعة الخارجة التى وصل التوريد بها إلى 14245 طنا وسعتها 45 الف طن.

 

 

استهداف زيادة السعة التخزينية للقمح

 

 

توريد القمح في مصر
توريد القمح في مصر

 

 

 

ولم تتوقف جهود الدولة بالاحتفاظ بالسعة التخزينية للصوامع التي أنشأتها مؤخرًا والتي قُدرت سعتها التخزينية بنحو 3.4 مليون طن وفقا لما ذكره عبد الغفار السلامونى نائب رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، ولكن هناك تطلع إلى زيادة السعة التخزينية للصوامع إلى بين 9 و10 ملايين طن قمح خلال ما بين 5 و6 سنوات قادمة، وذلك في ظل حرص القيادة السياسية على توفير وتأمين مخزون استراتيجي من القمح طوال الوقت.

وبتلك الأرقام، نجحت الدولة بالتأكيد على أن المشروع القومي للصوامع الذى تتبناه ساهم في الحفاظ على الأقماح المخصصة لإنتاج الخبز المدعم، وساهمت زيادة السعة التخزينية في هذه الصوامع الى الحد من الهدر في الأقماح الذى كان يحدث نتيجة التخزين في شون ترابية ومكشوفة، وأنقذت البلاد -بالوقت ذاته- في فترة أزمة عالمية أثرت بالمقام الأول على الأمن الغذائي وهددت شعوب عديدة مجاورة وبالقارة السمراء.

 

 

Back to top button