الدولة الحبيسة تبحث عن متنفس.. دراسة تكشف تأثير خطط أثيوبيا على استقرار “القرن الأفريقي”
دراسة تكشف مدى تأثير خطط أثيوبيا على استقرار “القرن الأفريقي”
منذ استقلال إريتريا وإثيوبيا تفكر في الخروج من أسر الدولة الحبيسة في ضوء تطلعها للقيادة والهيمنة في منطقة القرن الأفريقي، بالإضافة إلى عامل السكان الضاغط على الاقتصاد الإثيوبي، والذي تخطط له بأن يكون أحد أكبر الاقتصادات في قارة أفريقيا، وبما يستلزم معه وجود منفذ بحري لنفاذ تجارتها مع العالم، ولكن ما مدى تأثير ذلك على استقرار منطقة القرن الأفريقي.
وكشفت دراسة لمركز فاروس للدراسات الاستراتيجية عن خطط أثيوبيا في هذا الأمر، ومدى تأثير ذلك على منطقة القرن الأفريقي، حيث أشارت الدراسة إلى أنه لا توجد قوى إقليمية بدون قوى بحرية تستطيع من خلالها الحفاظ على مصالحها الحيوية ومنها تجارتها مع العالم ومواجهة مخاطر تهديد مصالحها، وهو الأمر الذى تتحسب له إثيوبيا لذا عقدت الاتفاقات لإعادة إنشاء أسطولها البحري مرة أخرى ويبقى لها المنفذ البحري الدائم على البحر الأحمر والذي بدأت إثيوبيا الإفصاح عن نوياها عنه مؤخرًا.
ويرجح، الدراسة، من التصريحات الإثيوبية الأخيرة، أن تكون كل من إريتريا وجيبوتي في مرمى الاستهداف الإثيوبي وقد أسهم القضاء على التهديات التي مثلها إقليم التيجراي على الحكومة الفيدرالية، والتي استدعت التحالف مع إريتريا لمواجهته في الإعلان صراحة عن النوايا الإثيوبية تجاه البحر الأحمر، وتُمثل إريتريا الحل الأمثل لتحقيق الطموح الإثيوبي في الوصول إلى البحر الأحمر خاصة ميناء عصب الإريتري، وأيضًا دولة جيبوتي التي يمر منها معظم تجارة إثيوبيا مع العالم الخارجي.
وتنظر دول الجوار الجغرافي للخطط الإثيوبية بريبة وتوجس، وقد تباينت ردود دول الجوار الجغرافي تجاه الخطط الإثيوبية تجاه البحر الأحمر ومنها تصريح رئيس الوزراء الإثيوبي الأخير بشأن الضرورة الوجودية لإثيوبيا في الوجود في البحر الأحمر، فقد انتقدت دول الجوار الجغرافي تصريح رئيس الوزراء الإثيوبي وأصدر بعضها بيانات أشار فيها أن تلك التصريحات تمس السيادة الوطنية لتلك الدول.
فمثًلا في جيبوتي، انتقد أحد كبار مستشاري رئيس جيبوتي “ألكسيس محمد” دعوة إثيوبيا للوصول إلى البحر الأحمر، مؤكدًا أن جيبوتي دولة ذات سيادة، وأن سلامة أراضيها ليست محل شك في الحاضر أو المستقبل.
وبالنسبة إلى إريتريا، فقد أصدرت الحكومة الإريترية عبر وزارة إعلامها بيانًا أكدت فيه (أنها لن تنجر إلى أي حوار حول الوصول إلى البحر والموضوعات ذات الصلة التي طُرحت في الآونة الأخيرة بكثرة مفرطة، أيضًا الصومال فقد رفض دعوة إثيوبيا إلى إجراء مفاوضات بشأن إمكانية الوصول إلى ميناء على البحر الأحمر، وأعرب وزير الدولة الصومالي للشؤون الخارجية “علي عمر” التزام بلاده بتعزيز السلام والأمن والتجارة والتكامل الإقليمي، بيد أن ذلك لا يعني أنها تميل إلى منح إثيوبيا إمكانية الوصول إلى أصول ذات أهمية استراتيجية، مثل الموانئ.
فالتشديد الصومالي يرجع إلى الإرث المحمل بتاريخ من التنافس والصراع بين الطرفين، وفي ضوء التغير الحالي في القيادة السياسية الصومالية والتي أتت بعد قيادة صومالية سابقة كانت تنسق وتتعاون مع التطلعات الإثيوبية فإنه يرجح عدم موافقة الحكومة الصومالية على سياسات إثيوبيا تجاه الحصول على موانئ صومالية على البحر الأحمر.
من جانبها بدأت إثيوبيا مؤخرًا تحدد وجهتها التي ترغبها في الوجود البحري وهى دولة إريتريا؛ حيث صرح رئيس الوزراء الإثيوبي بأن حصول بلاده على المنفذ البحري، لا يمثل انتهاكًا للسيادة الإريترية، الأمر الذي ضاعف التوتر السياسي بين أديس أبابا وأسمرة، ولعل عدم اللقاء المباشر بين الرئيس الإريتيري ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال القمة الأفريقية – السعودية التي انعقدت في الرياض أخيرًا، يوضح تأثير النوايا الإثيوبية على طبيعة العلاقات الإريترية الإثيوبية.
ومن ناحية أخرى سعت إثيوبيا لنزع فتيل الأزمة مع جيبوتي وتحييدها عن خطة الحصول على المنفذ البحري ما اعتُبر محاولة لتدارك فتيل الأزمة بين أديس أبابا وجيبوتي، خاصة أن الأخيرة لا تزال تمثل الميناء الوحيد الذي تعتمد عليه الأولى، في جميع مناشط الاستيراد والتصدير.
وقد تم عقد اتفاق أمني بين جيبوتي وإثيوبيا يحمل في طياته دلالات كثيرة أهمها هو طبيعة العلاقات بين الدولتين حاليًا وإريتريا؛ حيث تتوتر العلاقات الجيوبوتية الإريترية والإثيوبية الإريترية وبما يشير إلى تصاعد في التوترات السياسية والأمنية في منطقة القرن الأفريقي خلال المرحلة المقبلة خاصة وأن إثيوبيا حددت وجهتها للحصول على منفذ بحري ويبدو من طبيعة تصريحاتها مؤخرًا عزمها على البدء في التنفيذ.