بعد صفقة الرهائن بين إسرائيل وحماس.. هل انتصرت المقاومة في غزة؟
بعد إبرام صفقة تسليم الرهائن بين حماس وإسرائيل، قد يتساءل البعض: هل انتصرت المقاومة في غزة؟، خاصة بعد دخول الهدنة بين الجانبين يومها الثاني لوقف اطلاق النار، ونعمت غزة أخيرا بليلة هادئة بعد 49 يوما القصف التوالي من قوات الاحتلال.
وتستغل حماس الانقسامات في الحكومة الإسرائيلية للحظوي بأكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين الذين وافق الاحتلال على إطلاق سراحهم ضمن هدنة مؤقتة، اعتبرها الخبراء فرصة للضغط على الاحتلال من ناحية من خلال الرهائن لديها وأيضا لاستجماع قوتها من ناحية أخرى.
قالت مجلة الإيكومونست البريطانية، ذكرت في تقرير لها عن الهدنة بين حماس وإسرائيل، ترجمته شبكة رؤية الإخبارية، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تواجه الآن أكبر تناقضاتها.
وأوضحت أنه بعد أسابيع من المفاوضات غير المباشرة، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على صفقة من شأنها إطلاق سراح 50 امرأة وطفلًا من بين قرابة 240 أسيرًا لدي حركة حماس، لكن إسرائيل ستضطر لوقف حربها مؤقتًا، وتواجه ضغوطًا قوية كي لا تستأنفها.
أهداف متضاربة
أظهرت استطلاعات الرأي أن الإسرائيليين منقسمون بشأن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.
وانتقد الهدنة الوزراء اليمينيون قبل وفي أثناء اجتماع الحكومة الإسرائيلية لإقرارها.
ووصفها وزير الأمن القومي، إيتامار بن جفير، بأنها “خطأ كبير”.
ووف المجلة البريطانية، منذ بدأت الحرب كان لها هدفان رئيسان، هما إزاحة حماس عن السلطة في القطاع، وإطلاق سراح الأسرى، لكن في بعض الأحيان، كانت هذان الهدفان متضاربين، فمثلا الغارات الجوية الإسرائيلية الهدف منها تدمير شبكة أنفاق حماس، وفي نفس الوقت، تهدد بقتل المحتجزين في تلك الأنفاق.
صفقة الأسرى
وتجري عملية تبادل الأسري على مراحل على مدار 4 أيام، تطلق حماس 13 أسيرا كل ليلة، وإرسالهم من غزة إلى مصر، ومن ثم إعادتهم لإسرائيل، ومقابل كل أسير محرر، تطلق إسرائيل سراح 3 أسرى فلسطينيين (نساء وأطفال) من سجونها.
وألزم الاتفاق إسرائيل بالسماح دخول 300 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة يوميًا خلال تلك الفترة، وهي زيادة كبيرة مقارنة بالشهر الماضي، عندما كان المتوسط اليومي 45 شاحنة فقط. ورحب البيت الأبيض بالاتفاق، وحذر الرئيس الأمريكي جو بايدن من أنه “من المهم تنفيذ جميع جوانب هذا الاتفاق بالكامل”.
بداية المفاوضات
بدأت المفاوضات مباشرة بعد هجوم 7 أكتوبر، بوساطة قطرية، وأبرمت الدوحة اتفاقين مبكرين لإطلاق سراح 4 نساء (بما في ذلك زوج يحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية). ولم تحصل حماس على أي شيء في المقابل، وأظهرت تلك الصفقات أن قطر يمكن أن تكون بمثابة وسيط مع حماس.
لكن في 27 أكتوبر، بعد 4 أيام من إطلاق سراح امرأتين، شنت إسرائيل هجومها البري على غزة، ما أعاد تشكيل المفاوضات، وفق تعبير المجلة.
وأشارت حماس إلى أنها مستعدة للإفراج عن عدد أكبر من الرهائن، لكن مقابل وقف القتال.
في تلك المرحلة، وفق المجلة، أصبحت المسألة مسألة أرقام، فلم تكن إسرائيل مستعدة لتعليق الحرب مقابل أقل من 100 أسير.
وأبدى مسؤولو حماس في قطر ولبنان موافقتهم المبدئية. لكن سرعان ما أصبح واضحًا أن زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، لم يكن مستعدًا لقبول هذا العدد. وتوقف عن الرد على هاتفه لعدة أيام.
ومن ناحيتها، انقسمت حكومة الحرب الإسرائيلية، وأراد بعض الأعضاء مواصلة التفاوض حول عدد أقل، واعتقد آخرون أن على إسرائيل أن تمضي قدمًا في هجومها البري، وتنتظر حتى تخفف حماس من موقفها. وفشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في الوقوف على أي من جانبي النقاش. وقد تطلب الأمر تحفيزًا من عائلات الرهائن ومن إدارة بايدن لإقناع إسرائيل بقبول صفقة مصغرة.
حماس تسيطر على الوضع
بموجب شروط الاتفاق، يسيطر الخوف في إسرائيل من أن هذا يمنح السنوار بعض السيطرة على الأحداث.
رأت الإيكومونست أن هذا التوقف يمنح مقاتلي حماس، الذين يتحصن الكثير منهم في الأنفاق، فرصة لإعادة تجميع صفوفهم وتجديد إمداداتهم.
وستواجه إسرائيل أيضًا ضغوطًا لتمديد الهدنة، سواء من بعض الحلفاء الغربيين، الذين يواجهون اضطرابات سياسية في الداخل، أو أقارب الرهائن، الذين ما زالوا في الأسر.
وكذلك، قالت المجلة إن بضعة أيام من الهدوء قد تعطي للعالم صورة أكثر تفصيلًا عن الكارثة الإنسانية في غزة، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من الغضب الدولي.
وأرسل الجيش الإسرائيلي 4 فرق، وأكثر من 10 آلاف جندي إلى شمال غزة، لتدمير البنية التحتية العسكرية لحماس. ويعني توقيت الهدنة أنهم لم ينتهوا بعد من عملياتهم. والأهم من ذلك هو أن الجيش لم يبدأ بعد حملة في جنوب غزة، في حين تعتقد إسرائيل أن قادة حماس، إلى جانب جميع سكان غزة تقريبًا، فروا منها.
الحرب مستمرة
مع ذلك، أشارت المجلة إلى أن هدفي حرب إسرائيل يظلان على حالهما، فالهدنة المؤقتة التي تهدف لتسهيل عملية تبادل الأسرى لا تعني وقفًا دائمًا للقتال ضد حماس.
وقال نتنياهو قبل تصويت مجلس الوزراء: الحرب مستمرة، وستستمر حتى نحقق جميع أهدافنا. ولا توجد مؤشرات على أن أمريكا ستضغط للتوقف.
من ناحية أخرى، فإن البقاء بالنسبة لحماس يشكل انتصارًا، فهي لا تحتاج إلى هزيمة الجيش الإسرائيلي، بل فقط الصمود حتى وقف إطلاق النار وهذه الحرب أكثر شراسة من أي حرب سبقتها.
ويشكل الرهائن القوة الأعظم التي تتمتع بها حماس، وستستمر في استخدامهم لاستغلال التوتر الذي لا مفر منه في الخطط الحربية الإسرائيلية.