تحليل مضمون

اطمئن.. الذكاء الاصطناعي حليفك المستقبلي ولن يأخذ منك عملك

منذ أن ظهر مفهوم الذكاء الاصطناعي  [ Artificial intelligence (AI) ] على الساحة التجارية والسوقية والناس بدأت تتخوف من استبدال وظائفهم، التي هي مصدر رزقهم، بهذه التقنيات التي أصبح ذكرها يمثل صورة مرعبة لهم!

وللأسف قدم كثير من صناع المحتوى فيديوهات بصورة غير مسئولة وغير مهنية، ساعدت على تغذية هذا الخوف داخل المتلقي، مما جعله يكون فكرة مرعبة عن القادم في سوق العمل، وجعلته يخاف على وظيفته ومصدر رزقه دون حدوث شيء بعد يسبب كل هذا القلق، غير هذه المعلومات التي مصدرها بعض البشر الذين يقتاتون على حجم المشاهدات دون أي أبعاد مهنية.

لذا سنسلط الضوء في هذا المقال على تفكيك هذه المخاوف وكشف حقيقة هذه التكنولوجيا والمطلوب منا لكي نستطيع التعامل معها، خاصة أنها ستنتشر في سوق العمل في العشر سنوات القادمة بصورة قوية ومنتشرة داخل كل الكيانات.

 

هل تتذكر قديماً فترة ظهور الكمبيوتر في سوق العمل؟

 

نعم أتذكر، إن ما يحدث الآن من تخوفات وتساؤلات عن الذكاء الاصطناعي وآثره على الوظائف ليس بجديد، فقديماً عندما ظهر الكمبيوتر كانت نفس هذه التخوفات والتساؤلات حاضرة ولنذكر المثالين التاليين:

 

المثال الأول: الأعمال الوظيفية:

كان سابقاً موظف المبيعات يعمل على تسجيل المبيعات يدوياً في الدفتر المختص لذلك، وعندما ظهر الكمبيوتر لمساعدته في تسجيل هذه المهمة، خاف أن يكون الكمبيوتر بديل لعمله وهنا ظهر نوعين من الموظفين:

– موظف قام بتطوير نفسه واكتساب مهارة التعامل مع الكمبيوتر ، ولذلك ظل محافظاً على وظيفته بعد أن طور نفسه بما يوافق المتطلبات الحديثة المطلوبة منه.

– وموظف قاوم هذا التغيير بالخوف والتعنت حتى تمت إزاحته عن وظيفته القديمة!

* استبدل المثال السابق بالحديث عن الكمبيوتر إلى الحديث عن الذكاء الاصطناعي، فهو نفس الأمر ونفس سبب الظهور لهذه التقنيات، فالذكاء الاصطناعي هو حالة طبيعية لتطور الكمبيوتر لنفس الهدف وهو زيادة الإنتاجية والتخلص من العمل الشاق والأعمال الروتينية.

 

المثال الثاني : الأعمال الروتينية:

تخيل قديماً في مصنع للعصائر كان هناك عامل يقوم بتعبئة العبوات عبوة عبوة، ولزيادة السرعة كان يجيب أن يزيد عدد العمال لزيادة عدد العبوات المنتجة والمعبئة، ولحل هذا الأمر والتخلص من ذلك ظهرت الثورة الصناعية الثالثة بماكينات التعبئة الحديثة.

* هنا اجتمعت الثلاث صور :  ( زيادة الإنتاجية – التخلص من العمل الشاق – التخلص من العمل الروتيني ).

 

فاستبدال العامل بماكينة التعبئة الآلية زاد من حجم الإنتاج، وساعد العامل على التخلص من هذا العمل الشاق والانتقال إلى وظيفة أخرى أكثر تطوراً كمشرف ومراقبة عملية التعبئة، وتخليص سوق العمل من الأعمال الروتينية التي لا يقدم الإنسان فيها شيء غير العمل الشاق.

 

* بناء على ما ذكر فإن الذكاء الاصطناعي هو امتداد لعصر الكمبيوتر بنفس الهدف ونفس الوظيفة، ولذلك سيتأثر سوق العمل على اتجاهين كما حدث من قبل:

 

الاتجاه الأول: مساعدة أصحاب الأعمال الشاقة بصورة تصل للتخلص من الأعمال الشاقة والروتينية واستبدالها بالمكاينات الحديثة التي تبلورت في صورة متقدمة يمثلها الآن ماكينات الروبوت (الانسان الآلي).

الاتجاه الثاني: الأعمال الوظيفية التي ساعد الكمبيوتر على تطويرها من قبل، فقد جاء وقت الذكاء الاصطناعي الآن ليساعدها أكثر وأكثر.

 

هل سيزيد الذكاء الاصطناعي من فرص العمل؟

 

نعم بالفعل، لكن حتى نجاوب على هذا السؤال بصورة أوضح، لنرجع لمنهجية المقال التي بنيت على تذكير القارئ بفترة ظهور الكمبيوتر حتى وقتنا الحاضر، والإجابة هي : لقد لاحظنا في الفترات السابقة أن الموظف مقاوم ظهور الكمبيوتر تم إزاحته من سوق العمل والموظف الذي قام بتطوير نفسه بتعلم واكتساب مهارة التعامل مع الكمبيوتر فتحت له كثير من آفاق سوق العمل.

* كذلك هو الذكاء الاصطناعي سيكون نتاج وجوده هو ظهور كثير من المهن التي تتطلب مهارة التعامل معه وخاصة التحكم فيه.

 

ما هو المطلوب من البشر الآن وأصحاب الوظائف؟

 

المطلوب من البشر وأصحاب الوظائف الآن، هو العمل بجد على اكتساب مهارة التعامل مع الذكاء الاصطناعي كما فعلوا من قبل في اكتساب المهارة في التعامل مع الكمبيوتر ، فإنشاء تحالف بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، هو أفضل الأساليب الاحترازية لاحتواء الضرر ، الذي سينتج عن تغلغل هذه التكنولوجيا في سوق العمل، وذلك كما حدث من قبل من تطوير العلاقة بين البشر والتكنولوجيا (الكمبيوتر).

* حيث يجب أن تتركز الجهود الآن على كيفية جعل البشر يكتسبون مهارات تسمح لهم بالعمل إلى جانب الآلة الذكية، وليس الخوف منها.

 

القيادة لمن مستقبلاً في سوق العمل؟

 

كالسابق تماماً، فكما كان الكمبيوتر هو السبب في جعل القيادة في سوق العمل لأصحاب المهن التكنولوجية كالمبرمجين والمطورين وغيرهم، كذلك سيكون القيادة للأشخاص القادرون على استخدام الذكاء الاصطناعي والتحكم فيه، فهم من سيقودون سوق الوظائف مستقبلاً، وبالتالي فإنه وبدلاً من الجلوس متفرجاً أمام هذا التغيير، يجب على الموظف أن يطور نفسه وقدراته ومهاراته، كي يتمكن من مواكبة سوق العمل.

 

الذكاء الاصطناعي ومقاومة التغيير

 

مقاومة التغيير سلوك إنساني طبيعي يقف فيه الإنسان ضد التغيير ويعمل على عدم الامتثال للتطور المطلوب، وبالتالي تحدث له الإزاحة والاندثار، ذلك لأن التطور والتطوير سنة كونية لا يجب أن تقومها ولكن يجب أن تتفهم متطلباتها وأن تكتسب مهاراتها.

لذا يجب على الإنسان التفكير، في كيفية تحويل الذكاء الاصطناعي، إلى مساعد له في وظيفته بدلاً من الخوف منه، فالتكنولوجيا بشكل عام سلاح ذو حدين، حيث تتوقف الفائدة منها على استخدامها بالشكل الصحيح، ومن هنا فإنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في سوق العمل، لأهداف تكون لصالح الإنسان لتساعده في التخلص من الإرهاق الشديد الذي تتسبب فيه الكثير من الوظائف، وهذا مشهود الآن في كثير من البرمجيات التي هي مجرد أدوات تساعدك على انجاز عملك بصورة أكثر احترافية وفي وقت أقل.

 

كيفية اكتساب مهارة التعامل مع الذكاء الاصطناعي

 

صحيح أنه ظهر على الساحة كثير من المنتجات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي مثل الروبوت وطائرات الدرونز وكثير من البرمجيات إلا أنه مازال الأمر يتطلب بعض الوقت، ولا يمكن تحديد شكل واستخدام المهارات المطلوبة الآن، لأن هذه التكنولوجيا لا تزال جديدة تماماً، ومن الواضح أن صورتها ستبدأ في الوضوح بقدوم عام 2024 خاصة بعد التطور والتبني الكبير الذي قامت به شركة مايكروسوفت وشركة جوجل.

وسنفرد بعض المقالات قريباً التي تسلط الضوء على المهارات المتاحة الآن

 

تذكر أنك العنصر المسيطر 

التكنولوجيا مهما تطورت ومهما تقدمت فهي صورة من صور عمل الإنسان العلمي والفكري، التي أوجدها لتساعده وتزيد من رفاهيته وراحته، وبالتالي تظهر الوظائف الملحة والمطلوبة للسيطرة والتحكم في هذه التكنولوجيا، وهذا ما حدث سابقاً مع الكمبيوتر وما يحدث الآن مع الذكاء الاصطناعي.

لذا لا يجب الالتفات لأي تخوفات مستقبلية عن خسارة الوظائف بقدر ما يجب الالتفات والاهتمام بتعلم المهارات المطلوبة لمواكبة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

 

أحمد بدر

استشاري وخبير تطوير النظم البرمجية والادارية

badrmedia@dewsoft.net

 

 

 

Back to top button