تحليل مضمونمضمون اللحظة

ذكرى تحرير سيناء.. عبور جديد نحو التنمية والعمران بعد دحر الإرهاب


تحتفل مصر والقوات المسلحة في الخامس والعشرين من شهر أبريل من كل عام بذكرى تحرير سيناء، وهي الذكرى التي تتزامن مع مرحلة جديدة بتلك الأرض الغالية والمقدسة، وهو اليوم الذي استردت فيه مصر أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها، وفقًا لمعاهدة كامب ديفيد، وفيها تم استرداد كامل أرض سيناء ما عدا مدينة طابا التي اُستردت لاحقًا بالتحكيم الدولي في مارس من العام 1989، حتى اكتمل التحرير مع رفع العلم المصري على طابا، والتي تعد آخر بقعة تم تحريرها من الأرض المصرية.


وتتزامن ذكرى 25 أبريل هذا العام مع نجاح جهود مكافحة الإرهاب- بعد 8 سنوات من دحره مقابل شهداء القوات المسلحة والشرطة المدنية وكذلك مدنيين- لتتحول شمال سيناء من ظلام إلى نور، وبدأت تشهد مدن العريش ورفح والشيخ زويد وكافة القطاعات، التعمير والتنمية والزراعة من جديد.


وأكد خبراء استراتيجيون أن النظرة الاستراتيجية التي ظهرت عقب ملحمة نصر أكتوبر 1973 وأجبرت العدو نحو السلام ومن بعدها تحرير كامل التراب في سيناء، جعل من سيناء أرضًا للنماء والخير لمصر، حتى باتت سيناء تجمع كل مكونات التنمية الشاملة.


وأوضح الخبراء- في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، في ذكرى تحرير سيناء الذي يوافق يوم الخامس والعشرين أبريل من كل عام- أن من رفض التنازل أو التفريط في ذرة من رمال سيناء، هم أنفسهم لن يفرطوا في أية نقطة مياه واحدة.


وقال محافظ شمال سيناء الأسبق اللواء أركان حرب على حفظي إن سيناء تمثل قدس الأقداس، مثلما عبر عنها الراحل جمال حمدان، لأن سيناء على مر التاريخ هي الدرع الذي حمى مصر من الغزاة والطامعين، فهي الأرض التي حباها الله عزل وجل بالكثير من نعمه من الثروات والخيرات، وبوركت بالرسل والأنبياء على مر التاريخ.

ذكري تحرير سيناء.. مكانة وقيمة غالية جدًا عند المصريين


وشدد على أن لسيناء مكانة وقيمة غالية جدًا عند المصريين، مشيرًا إلى أن المصريين حموا بلدهم من خلال سيناء، لأن معظم الغزوات كانت من ناحية الشرق حيث سيناء، وبالتالي فإن سيناء هي التي أبرزت المواقف على مر التاريخ، وكيف استطاع المصريون هزيمة الهكسوس والمغول والحيثيين والتتار والإنجليز والفرنسيين واليونانيين والصليبيين.


وأكد حفظي أن النظرة الاستراتيجية الجديدة ظهرت عقب ملحمة 1973 وأجبرت العدو نحو السلام، ومن هنا تغيرت النظرة الاستراتيجية، لتصبح سيناء أرضًا للنماء والخير لمصر، تجمع كل مكونات التنمية الشاملة، وأصبحت جسر عبور جديد لمستقبل مصر.


وقال إن إطلاق القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي لأول مشروع قومي بافتتاح قناة السويس الجديدة، كان بمثابة فاتحة الخير لسيناء، لتعود عجلة التنمية بسيناء وتصبح مستقبل الخير والعبور لمصر، بعدما تم وضع الهدف بكيفية تنمية سيناء من خلال نظرة ثاقبة للقيادة السياسية، ما جعل سيناء نموذجًا لخير مصر في كل شيء صناعيًا وزراعيًا وتعدينيًا وعمرانيًا وسياحيًا.


من جانبه، قال اللواء دكتور محمود خلف مستشار أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية إنه حينما نتذكر سيناء لا بد أن ندرك جيدًا أن أهم درس هو الإعداد الجيد والجهد الكبير حتى تم تحرير سيناء، بعدما تم رفع شعار “ما أخذ بالقوة، لا بد أن يسترد بالقوة”.


وأشار اللواء “خلف”- والذي خاض أربعة حروب- إلى الظروف الصعبة التي عاشتها مصر والشعب المصري وقواته المسلحة قبل حرب نصر أكتوبر، بعدما تم فقد معداتنا بعد يونيو 1967، فكان للمرة الأولى نرى الجيش الإسرائيلي على الصفة الشرقية لقناة السويس، ومن هنا جاء الإصرار رافعين شعار “إما النصر أو الشهادة”.


وأردف: “وبالتالي تم الإعداد الجيد، وبات البطل الحقيقي في هذه الملحمة هو الشعب المصري من خلال التفافه حول جيشه وقواته المسلحة وقيادته، حينما رأى كل فرد مقاتل بالجيش في عيون الشعب، المطالبة بالنصر، وهو الجزء المعنوي الأبرز، كما كان الإعداد والاستعداد للتدريب تحت شعار النصر أو الشهادة هو الجزء الآخر لهذه الملحمة، حتى تم اقتحام قناة السويس، فحدث ما حدث في أكبر وأقوى حرب”.


ووجه رسالة إلى الشعب المصري على الاستعداد والثقة في النصر، ولا سيما مع توافر الإمكانات والصلابة والثقة الكبيرة في القيادة السياسية.


بدوره، قال اللواء طيار دكتور هشام الحلبي مستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا إنه لم يكن ليتم الدخول في سلام مع العدو إلا بعد حرب 1973، والذي كان يرغب “العدو” في إبقاء الوضع على ما هو عليه، وأن يفرض السلام بشروطه.
وأضاف: “عودة الأرض كانت نقطة فارقة تمامًا، وهي الأساس لعملية السلام، حتى تمكنا من كسر نظرية الحدود الآمنة خارج الحدود من موانع طبيعية وصناعية، وتم فرض السلام من جانب مصر من منطلق القوة، فرضتها قوات مسلحة قوية وقادرة، تحرك على إثره عمل دبلوماسي وسياسي ناجح”.


وأشار إلى أن القوات المسلحة القوية هي الأساس لحماية الدولة وأية مشروعات تنموية، مشيرًا إلى أن الرئيس الراحل أنور السادات أبدى نيته للسلام من منطلق القوة، ففرضت مصر وقيادتها السياسية وبإرادة مصرية “الحرب والسلام” معًا.
وأوضح أن القوة الصلبة المتمثلة في القوات المسلحة تدعم القوة الناعمة والعمل الدبلوماسي والسياسي، وهو يمثل النموذج المحترف المعروف باسم “القوة الذكية”، وصولًا إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدول، مشيرًا إلى أن الرئيس السادات هو أول من استخدم القوة الذكية، حتى تحقق النصر وتحررت آخر ذرة رمال من أرض سيناء الغالية.


وأردف: “أثناء التفاوض على استرجاع طابا، لم يطلب المصريون من قيادتهم السياسية الإفصاح عن الخطط، أو الإعلان عن أوراق الضغط، ثقة منهم أنه سيتم ذلك في الوقت المناسب، حتى تحقق فعليًا ما تريده الدولة المصرية آنذاك”.
من جهته، وجه اللواء دكتور نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق رسالة إلى كل الأجيال، بأن مصر حباها الله بأنها أرض سلام، وهذا تكليف من المولى- عز وجل- وهذا يلقي مسئولية على كل شعب مصر بأن يحفظوا البلاد آمنة ضد كل من يريد أن يدخلها، مشيرًا إلى أن تحرير سيناء أعاد السلام للأرض التي لم ولن يفرط فيها المصريون مهما كلفهم من تضحيات.
وقال “أرضنا شرفنا، لا نفرط في ذرة رمال واحدة، كما لا نفرط في نقطة مياه واحدة، فأمن مصر باستقرارها واستقرار مياهها وزراعتها”.


وبات مع ما تشهده سيناء حاليًا من تنمية وتعمير بعد جهود لدحر الإرهاب، مصدر فخر كبيرا لمصر، قيادة وحكومة وشعبا بانتصار الدولة بكافة مؤسساتها وفي مقدمتها القوات المسلحة والشرطة المدنية على التكفيريين وقوى الشر والظلام والإرهاب، بعدما استأنف المواطنون بشمال سيناء، لكافة أنشطتهم سواء التعليمية أو التجارية وممارسة أعمالهم من دون أية قيود عانوا منها بسبب العمليات الإرهابية من جانب العناصر التكفيرية.


وأكد أهالي شمال سيناء أن ما تشهده مدن وقرى المحافظة من تحركات نحو التنمية من كافة أجهزة الدولة بغرض عودة الحياة لطبيعتها، بتوفير خدمات عاجلة وحصر الاحتياجات المطلوبة خلال المرحلة المقبلة، يؤكد حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي والقيادة العامة للقوات المسلحة لتحقيق التنمية الشاملة والحقيقية داخل شمال سيناء.


من ناحيته، أشار اللواء دكتور محمد عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء إلى التوجيهات الدائمة بالاهتمام بأبناء سيناء وخاصة محافظة شمال سيناء وتلبية الاحتياجات الأساسية لهم، موضحًا أن المحافظة تشهد حاليًا عملية إحلال وتجديد لكافة المرافق التي تعرضت للتدمير جراء العمليات الإرهابية، وبما يحقق طموحات المواطن السيناوى بكافة المجالات، وخاصة ما يتعلق بالصحة والتعليم والكهرباء وشبكات المياه الآمنة والصحية.


وأكد أن الدولة بجميع أجهزتها ومؤسساتها تعمل على تنمية وتعمير سيناء، وذلك من خلال تنفيذ عدد من المشروعات التنموية الكبيرة في مختلف القطاعات على أرض المحافظة بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي وتحت إشراف رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.
ولفت إلى الاهتمام بمحور التنمية المجتمعية بمختلف المجالات سواء في الإسكان والصحة والتعليم ولا سيما الخدمات الخاصة بالمرافق من كهرباء ومياه “شرب وري”، وصولًا لحياة كريمة لأبناء سيناء.


وأشار إلى أهمية تطوير ميناء العريش البحري، والذي يقع بموقع متوسط بين أوروبا وآسيا، مؤكدًا أن موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطوير ورفع كفاءته جعلته يضاهي الموانئ البحرية الأخرى على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ما يصب في مصلحة المحافظة ومصلحة مواطنيها، كما سيوفر العديد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، بخلاف ما تتميز به المنطقة الصناعية ببئر العبد، والتي أنشئت على مساحة مليون متر مكعب بما يوازى 240 فدانًا، من بينها 150 فدانا للأنشطة الصناعية، و70 فدانًا للطرق، و13.5 فدان للخدمات، و6.5 فدان كمساحات خضراء، كما ألقى الضوء على منطقة الصناعات الثقيلة بوسط سيناء، حيث أصدر الرئيس السيسي قرارًا بإنشاء المنطقة لإقامة الصناعات الثقيلة.


وبالنسبة للتجمعات التنموية، قال “شوشة” إنه تم إنشاء 17 تجمعًا في سيناء بتكلفة مليار و595 مليون جنيه لخدمة 550 أسرة، منها 10 تجمعات في وسط سيناء و7 تجمعات في جنوب سيناء، سيتم توزيعها بمناسبة احتفالات العيد القومي للمحافظة، موضحًا أن كل أسرة ستحصل على منزل و5 أفدنة للزراعة، مؤكدًا أن كل تجمع متكامل المرافق والأنشطة التنموية ويضم أراضي زراعية مجهزة، ومنزلًا، وديوانًا، ومسجدًا، ومدرسة تعليم أساسي، وساحة رياضية، ومجمع محلات، ومرافق خدمية متنوعة، وأنشطة ومشروعات إنتاجية.


من جهته، قال رئيس جهاز التعمير بشمال سيناء المهندس ناجي إبراهيم محمد إن هناك توجيهات من القيادة السياسية بالعمل على رفع مستوى معيشة المواطن السيناوي، بعد المعاناة بسبب عمليات مواجهة التكفيريين.
بدورهم، عبر الأهالي عن شكرهم للرئيس السيسي، لما لمسوه من تغيير كبير في القطاع الصحي بالعريش، مشيرين إلى أن المواطن يحصل الآن على كافة أوجه الرعاية الصحية بقيمة جنيه واحد هي ثمن تذكرة العيادات الخارجية.

زر الذهاب إلى الأعلى