تحليل مضمون

الغاز العصا والجزرة.. أوروبا تدعم طرفي الحرب الروسية الأوكرانية

الحرب الروسية الأوكرانية، كشفت ازدواجية معايير الغرب، التى تغلب عليها المصلحة دون أي اعتبارات لحقوق الإنسان أو المبادئ الرافضة للحرب، فعلي الرغم من إعلان خلف الناتو للحرب على أوكرانيا بل ودعمها عسكريا في مواجهة موسكو إلا أن الدول المنكوبة تحت لواءه غير قادرة على مقاطعة الغاز الروسي.

الغاز الروسي أصبح سلاح موسكو في معاقبة خصومها، بل أصبح أداة جلب الدعم الأوروبي غير المباشر للآلة العسكرية الباطشة في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث لا تستطيع الدول الأوروبية الاستغناء عن الغاز الروسي مما يدفعهم لشراء الطاقة من روسيا.

وفي مقال، أكدت الكاتبة الصحفية الأمريكية “كريستينا لو” أنه على الرغم من استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، إلا أن الدول الأوروبية حتى الآن لم تتمكن من محاسبة روسيا لأنها غير قادرة على الاستغناء عن واردات الغاز الروسية.

وأشارت الكاتبة في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن الدول الغربية مازالت تواجه ضغوطاً كبيرة من أجل فرض عقوبات على أهم قطاع اقتصادى فى روسيا وهو قطاع الطاقة، ورغم إعراب القادة الأوربيين على مدار الأسابيع الماضية عن استيائهم ورفضهم للعملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، إلا أن العقوبات الاقتصادية التى فرضوها على روسيا لم تشمل قطاع الطاقة خشية أن تؤدي هذه العقوبات إلى تفاقم أزمة الطاقة في بلادهم والتي تعتمد إلى حد كبير على الواردات الروسية في توفير احتياجاتها من الطاقة .

وأضافت أنه مع تزايد الضغوط المُطالبة بفرض عقوبات اقتصادية أكبر على روسيا، فإن القادة الأوروبيين يواجهون حالياً أزمة كبيرة تتمثل فى كيفية فرض مزيد من العقوبات على روسيا تشمل قطاع الطاقة دون أن يؤدى ذلك إلى أزمة اقتصادية فى بلادهم.

وتشير الكاتبة إلى رأى خبيرة أمن الطاقة بمؤسسة بروكنجز “سامنتا جروس” والتي تعرب عن اعتقادها أن المسألة بالتأكيد ليست بالأمر الهين بالنسبة لأوروبا التي تود أن تتخلص من اعتمادها على الغاز الروسي ولكنها فى نفس الوقت غير قادرة على تنفيذ تلك الرغبة.

وتوضح الكاتبة أن أوروبا هى أكبر مستورد للطاقة من روسيا حيث تستورد ما يربو على نصف صادرات روسيا من الزيت الخام ومعظم صادراتها من الغاز الطبيعى، وعلى الجانب الآخر، يرى المسؤلون فى أوكرانيا أنه مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية للشهر الثاني على التوالي على أراضيهم فإن استيراد الدول الأوروبية لواردات الطاقة الروسية يمثل تمويلا للحرب الروسية في أوكرانيا.

مقاطعة الطاقة ليست حلا

وتشير الكاتبة إلى تصريحات لوزير خارجية أوكرانيا ديميترو كوليبا يقول فيها” إن الغرب يساند أوكرانيا من جانب ويساند فى نفس الوقت الآلة العسكرية الروسية”.

وترى العديد من الدول الأوروبية أن مقاطعة واردات الطاقة الروسية مشكلة ليس لها حل، فدول الاتحاد الأوروبى تعتمد بشكل رئيس على الطاقة الروسية والتى تمثل حوالى 40 بالمئة من واردات الدول الأوروبية من الغاز الطبيعى ونحو 25 بالمئة من البترول، وفى نفس الوقت، فإن توفير بديل آخر للطاقة الروسية يعد أمرا غاية فى الصعوبة بل قد يكون مستحيلا على المدى القريب.

بالإضافة إلى ذلك، نجد دولة مثل ألمانيا ضاعفت من وارداتها من الطاقة الروسية على الرغم من العملية العسكرية الروسية الأولى في أوكرانيا عام 2014.

وعلى الرغم من قيام البرلمان الأوروبي بإصدار قرار رمزي لتفعيل حظر شامل على واردات روسيا من الطاقة بما فيها الغاز والبترول والفحم إلا أن القليل من الدول الأوروبية بدأت فى تقليص تعاونها مع روسيا فى مجال الطاقة واكتفت بعض الدول بحظر استيراد الفحم فقط من روسيا ولكنه لايمثل أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة لروسيا.

ويقول نيكوس تسافوس خبير الطاقة بمركز الدراسات الدولية والاستيراتجية” إن الدول الأوروبية بهذه الطريقة يتأرجحون بين الواقع النظري والعملى، فعلى المستوى النظرى فقد فرضوا عقوبات اقتصادية على قطاع الطاقة الروسى – بحظرهم استيراد الفحم من روسيا – ولكنهم فى نفس الوقت لم يتخذوا الإجراء القوى الذى يؤثر على منظومة الطاقة كلها.

الاستغناء عن الواردات الروسية قرار صعب

ويقول الخبراء إن الاستغناء عن واردات الطاقة الروسية فى الوقت الحالى سيمثل ضربة موجعة لأوروبا بأسرها لإنه سيؤدى إلى الإضرار بصناعات رئيسية تعتمد على الطاقة بشكل كبير كما أنه سيؤدى إلى اللجوء لترشيد استهلاك الطاقة لأنه ليس هناك بديل عن الواردات الروسية لتوفير احتياجات أوروبا من الطاقة.

قرار استيراد النفط الروسي من عدمه تختص به كل دولة على حدةودليل ماسبق، فقد نفى البيت الأبيض ما تردد من تقارير عن أن العقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة بشأن النفط الروسى ربما تعتبر أيضا مفروضة على دول أخرى .

وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين باسكى في معرض تعليقات نشرت “إن قرار استيراد نفط روسي من عدمه هو قرار تتخذه كل دولة على حدة، فهذه الدول هى التى تقرر ما إذا كانت ستستورد بترولا من روسيا أم لا ” .

جاء ذلك فى تعليقات السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض على ما تردد عن أن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي للشؤون الاقتصادية الدولية “داليب سينج” حذر الهند من ألا تشترى نفطا من روسيا .

وقالت جين باسكي” إننى لا أصف ذلك بأنه تحذير، ونحن لم نفعل ذلك فى الوقت الراهن، إن نسبة واردات الهند من النفط الروسي تتراوح ما بين 1-2% فقط من إجمالى وارداتها من موارد الطاقة، وأن نحو 10% من وارداتها تأتي من الولايات المتحدة” .

يذكر أن الهند كانت قد دافعت عن حقها فى ضمان عقد صفات أفضل لتلبية احتياجاتها من الطاقة، وأشارت نيودلهى إلى تزايد مشتريات أوروبا من منتجات بترولية روسية على الرغم من الحرب فى أوكرانيا.

وكان قد صرح وزير الشؤون الخارجية الهندى ” إس . جايشانكار” بأن الدول الأوروبية مازالت تعتبر أكبر مشترى للبترول والغاز من روسيا ، وأن الوزير الهندى وجه أيضاً انتقادات لحملة تم شنها ضد الهند لشرائها نفط روسي بأسعار مخفضة.

وقد عرضت روسيا بيع بترول خام وسلع أخرى بأسعار مخفضة إلى الهند بعد قيام الولايات المتحدة وحلفائها بفرض عقوبات على موسكو بسبب العمليات العسكرية الروسية فى أوكرانيا .

وأشار البيت الأبيض إلى أن الرئيس بايدن قد وقع على مشروعى قانون بحظر واردات الولايات المتحدة من البترول الروسي وتعليق العلاقات التجارية العادية مع روسيا وبيلاروس .

من جهة أخرى، بحثت نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان، مع وزير الخارجية الكندية مارتا مورجان في واشنطن، الرد المنسق على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.وذكر بيان للخارجية الأمريكية على موقعها الإلكتروني أن الجانبان ناقشا أيضا استمرار عمل الولايات المتحدة وكندا لتعزيز الأمن والديمقراطية في هايتي وحول العالم.

الأسباب الحقيقية للحرب على أوكرانيا.. قراءة في العقل المفكر لـ «بوتين»

«حرب صعب إنهائها».. خيارات مؤلمة في مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا

مستشار الرئيس الأوكراني: نملك الكثير من الأدلة على ارتكاب روسيا جرائم حرب.. فيديو

زر الذهاب إلى الأعلى