محمد نصر يكتب: مها الصغير.. وأزمة عباد الشمس

كتب- محمد نصر:
ما فعلته مها الصغير جرم كبير في حق نفسها قبل أي أحد، هي نفسها اعترفت به، لكن هل لنا الحق في نصب المحاكم وتنصيب أنفسنا قضاة؟، الحقيقة في هذه الحالة تحديدا، لا شرف في نصب المشنقة لجسد ميت، وروح ممزقة.
لمن لا يعرف مها الصغير -وإن كانت الآن ملئ شاشات الهواتف وحديث من ينعتون أنفسهم بالبلوجر والمؤثرين- هي ابنة مصفف الشعر الشهير محمد الصغير، وطليقة الفنان النجم أحمد السقا، نعتت مؤخرا بالإعلامية، وكنت أتساءل منذ متى ذلك؟، وقبل سنوات كانت مصممة أزياء، وقبلها زوجة السقا، وقبلها ابنة الصغير، ومن السياقات المتكررة والتعريفات المتباينة لنفس الشخصية يتضح لنا الأزمة.
أزمة مها الصغير ليست أنها نسبت لنفسها عمل فني وابداعي، لكن أزمتها الحقيقية أنها لم تجد ما قد ينسب إليها، دائما ما ألصقها الإعلام وتسلطت عليها الأضواء مجبرة منسوبة إلي فاعل، مرة ابنة المصفف الشهير وأخرى زوجة النجم المحبوب، ولم تكن مها الصغير، هي مها الصغير وفقط، حتى قبل ظهورها في الإعلام وتفرغها لبيتها وأولادها الذين هم إنجازها الوحيد _على ما أعتقد_ رأت أنهم ينسبون لزوجها، فما تعيشه مها أزمة نسب، يستطيع من يراها متحدثة في برنامج ما أن يكتشف جروح روحها الممزقة.
مها الصغير تبحث عما ينسب إليها لا ما تنتسب إليه، وأزمة اللوحات الفنية هي ما كشفت بوضوح لمن يتابع أزمتها الأخيرة مع السقا والتي ربما يكون نجاحه ومحاولتها البحث عن نفسها جزء من سبب انفصالهما، وهي غيرة مرضية من نجاح كانت فيه خلف الكواليس.
وقبل أن نحكم عليها بأنها منتحلة وكاذبة، علينا أن نضع أنفسنا مكانها، وإن كنت لا أبرر ما قامت به، لكنها النفوس يقلبها الله كيفما شاء، فلتتخيل معي سيناريو حياة مها الصغير.
طفلة ولدت لأب “كوافيرجي” بعد فترة أصبح “مصفف شعر”، بعدها أصبح مصفف النجوم والمشاهير ومحلاته في كل مكان وأصبحت براند ينتحله كثيرون ليتكسبون، ربما تعرضت لتنمر من صديقاتها أبناء الطبقة العليا، أكيد اتخانقت مع واحدة ونعتتها ب “بنت الحلاق”، فأبيها وإن كان ناجحا، فهو في نظر هذه الطبقة مجرد “حلاق معاه فلوس”، وهو لا يعيبه بل يعيب من يرون ذلك، وربما هذا ما دفعها للزواج من نجم وفنان شهير، يبعدها عن لقب بنت الصغير، ولا أستبعد وجود من استكثره عليها، رغم جمالها ومالها.
نجاح السقا ومن قبل نجاح والدها، دفع نفسها نحو تساؤل داخلي مستمر ينخر في روحها، وأصابها بفقدان الثقة: من أنا وماذا حققت؟، وأعتقد أنها في إجابتها على نفسها لم تكن أبدا راضية بلقب ربة منزل أو زوجة الفنان، “هما مشاهير أنا فين”.. دي كانت المشكلة الكبيرة.
هذا ما قرأه الفنان التشكيلي عمرو فهمي في وجه مها، ولم يساوي بين فعلتها وبين ما فعلته غادة والي صاحبة واقعة لوحات المترو، وإن كانت مها أخذت اللوحة كما هي ونسبتها لنفسها، لكن والي ورغم تعديلها وتغيرها في بعض اللوحات كان هدفها في الأساس التربح المادي، إلا أن مها الصغير كانت في حاجة إلي تربح نفسي، دعم وإنجاز يريح شغفها نحو شهرة ذاتية غير منتسبة إلي أحد، هي أزمة عباد الشمس، أزمة سيدة تدور حياتها حول فلك الآخرين، اختصرها المجتمع فيمن حولها، فبحثت عن نفسها فلم تجدها.