هل حقا تنازلت الإمارات عن 11 مليار دولار لمصر؟
هل حقا تنازلت الإمارات عن 11 مليار دولار لمصر؟ وفق ما جاء في إعلان توقيع الاتفاقية الضخمة بين مصر والإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط. تضمنت الاتفاقية استثمارات إماراتية بقيمة 150 مليار دولار.
تضمنت الاتفاقية تنازل الإمارات عن 11 مليار دولار من ودائعها لدى البنك المركزي المصري، مما أثار تساؤلات حول طبيعة هذه الصفقة وتأثيرها على الاقتصاد المصري.
تنازل الإمارات عن 11 مليار دولار
في الواقع، لم تتنازل الإمارات عن 11 مليار دولار لمصر بشكل مباشر، بل تشمل الاتفاقية تحويل 11 مليار دولار من الودائع الإماراتية في البنك المركزي المصري إلى الجنيه المصري لاستثمارها في مشروع رأس الحكمة، وستقوم شركة أبوظبي التنموية القابضة (ADQ) بإدارة هذه الاستثمارات، والتي ستشمل مشاريع عقارية وسياحية وبنية تحتية.
وما أثار لغطا ما ورد من مصطلح تنازل، والذي اعتبره البعض تخلي عن تلك الأموال، لكن الحقيقة لم تتنازل الإمارات عن هذه الأموال بشكل كامل، بل سيتم تحويلها للجنيه المصري واستثمارها في المشروع.
تأثير صفقة مشروع رأس الحكمة على الاقتصاد المصري
تتوقع مصر أن يكون للصفقة تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المصري، من خلال جذب استثمارات أجنبية جديدة، وخلق فرص عمل جديدة، حيث يتوقع أن يخلق المشروع 350 ألف فرصة عمل جديدة خلال فترة تنفيذه، وتطوير البنية التحتية في المنطقة، بما في ذلك الطرق والموانئ والاتصالات، وتعزيز السياحة.
وكشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحفي للإعلان عن الاتفاقية أن الاستثمار الأجنبي المباشر البالغة قيمته 35 مليار دولار والمتوقع استقباله بالكامل في غضون شهرين يتوزع بواقع 24 مليار دولار سيولة نقدية، و11 ملياراً من الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي المصري التي سيتم تحويلها إلى الجنيه واستخدامها في أعمال التطوير.
من جهة أخرى، يُتوقع أن يجذب المشروع طوال فترة تطويره استثمارات قد تصل إلى 150 مليار دولار، وهو ما سيساعد على توفير “ملايين” من فرص العمل وضخ السيولة في الاقتصاد المصري.
كيف يري الخبراء مشروع رأس الحكمة؟
من الجانب العمراني، قال الدكتور سعيد حسانين، أستاذ التخطيط العمراني، إن تطوير مدينة رأس الحكمة ضمن مخطط أعدت له الدولة خلال الفترة السابقة لتطوير الساحل الشمالي، موضحا أن المدينة تصل مساحتها إلى 170.8 مليون متر مربع أي أكتر من 40 ألفا و600 فدان لاستيعاب عدد كبير من السكان حوالي 300 ألف نسمة حتى تستطيع أن تدير الأماكن المختلفة.
وأضاف أستاذ التخطيط العمراني، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلاميين باسم طبانة وسارة سراج، ببرنامج «هذا الصباح»، المذاع على شاشة قناة «إكسترا نيوز»، أن الفرص الاستثمارية لهذه المدينة كبيرة جدا حيث أنها تعتبر مدينة واعدة وتمثل نقطة بداية في تنفيذ مخطط تنمية الساحل الشمالي بالكامل.
وأشار إلى أن مدينة رأس الحكمة يوجد بها أنشطة تجارية وأنشطة سياحية ترفيهية مختلفة والمعتمدة على وجود أجمل شواطئ العالم في هذه المنطقة، بالإضافة إلى ظهير اقتصاد أخضر بجانب السياحة التراثية، موضحا أن المشروع يتضمن إقامة المدارس والجامعات والمستشفيات والمباني الإدارية والخدمية، ويشمل منطقة حرة خدمية خاصة تحتوي على صناعات تكنولوجية وصناعات خفيفة وخدمات لوجستية بالإضافة إلى إنشاء حي مركزي للمال والأعمال من أجل استقطاب الشركات.
وعن تأثيره عل السياحة، قال محمد فاروق، الخبير السياحي، إن مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة يعتبر طفرة تنموية على خريطة السياحة العالمية لأن دراسة المشروع توضح أنه سيتم إنشاء مطار دولي في جنوب المدينة بالإضافة إلى إقامة 2 ميناء لدعم وتعزيز سياحة اليخوت مما يزيد من الاستثمارات الإماراتية في قطاع الطيران الذي يملك أسطول طيران كبير جدا ويؤدي إلى حل جزء كبير في مشكلة مصر التي تخص الطيران والنقل البحري.
وأضاف الخبير السياحي، خلال مداخلة، ببرنامج «هذا الصباح»، المذاع على شاشة قناة «إكسترا نيوز»، أن استخدام أسطول دولة الإمارات سيساعد على النقل من أوروبا إلى بحر السياحي المصري بصفة عامة سواء كان رأس الحكمة أو غير ذلك، بالإضافة إلى النقل إلى إفريقيا مؤكدا على ضرورة استخدام الميزة النسبية في النقل بين أوروبا وإفريقيا وبين أوروبا والشرق الأقصي بالإضافة إلى السوق الأمريكية مما يعني أنها ستكون نقطة وسط في النقل بين محطات دول العالم.
وأكد فاروق أن هتمام الدولة المصرية بالبنية التحتية على مدار الـ10 أعوام الماضية ساعد بشكل كبير للغاية على هذا الاتفاق بين مصر والإمارات حيث أن كثرة الموانئ في هذه المدينة خلقت حركة مرور عالية جدا إلى السخنة مما يؤثر على استثمارات الفنادق والسياحة في العاصمة الإدارية الجديدة والعين السخنة.
ومن الناحية الاقتصادية، قال الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، إن المنطقة الشمالية الغربية لمصر لم تُستغل بالشكل الأمثل إذ أنها كانت تفتقر إلى البنية التحتية التي تؤهلها إلى استثمار مثل مشروع رأس الحكمة، موضحًا أن مصر على مدار آخر 10 أعوام بدأت في الاهتمام بالبنية التحتية ومدينة العلمين نموذج لتسويق هذه المنطقة.
وتابع الخبير الاقتصادي، أن مدينة رأس الحكمة قادرة على إحداث الطفرة في الاقتصاد المصري باعتبارها أنها ليست تجمع عمراني وسياحي فقط حيث أنها تمثل الاستثمار الأضخم في تاريخ الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تاريخ مصر، بالإضافة إلى أنها ستكون بداية لتحريك جميع القطاعات الاقتصادية، إذ أن هذا المشروع لم يتوقف أنه قائم بنفسه فقط أنما يتكامل مع كافة القطاعات الاقتصادية موضحا أنه يدعم العمالة المصرية ويتم إنشاءه بشركات مصرية قطاع حكومي وقطاع خاص وبمواد خام مصرية مما يخلق حالة من التكامل واستعادة المسار الصحيح للاقتصاد المصري.
وأشار البهواشي، إلى أن الحكومة المصرية تتفق مع شركة إماراتية على أكبر صفقة استثمارية، تهدف إلى تطوير منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي، تأتي الشراكة في ضوء الجهود لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث أعلن رئيس مجلس الوزراء أنه سيكون للدولة المصرية 35% من أرباح المشروع.