من الإيقاف إلى الانطلاقة.. سر استئناف تصدير الأسماك المصرية للاتحاد الأوروبي

في خطوة تعكس قوة الرقابة المصرية وتطور منظومتها في قطاع الصناعات الغذائية، أعلنت الهيئة القومية لسلامة الغذاء عن نجاح جهودها في استئناف تصدير الأسماك المصرية إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، بعد فترة من التوقف نتيجة ملاحظات تتعلق بالالتزام بمعايير الجودة وسلامة المنتجات.
قصة الإيقاف.. لماذا توقف التصدير؟
على مدار سنوات، كانت صادرات الأسماك المصرية تواجه عقبات تنظيمية وصحية، أبرزها التشدد الأوروبي في معايير سلامة الغذاء، والتي تتطلب ضمانات صارمة على مستوى المزارع السمكية، المصانع، وطرق التداول، وأي قصور في هذه السلسلة كان يؤدي إلى رفض الشحنات المصرية أو تعليق التعامل معها، وهو ما حدث خلال السنوات الماضية، مما أثر على مكانة الصادرات المصرية في الأسواق الأوروبية التي تُعد من أكثر الأسواق التزامًا بالمعايير الصحية.
وكان تصدير الأسماك البحرية المصرية إلى الاتحاد الأوروبي، توقف إثر عملية المراجعة خلال مايو 2021؛ إذ صدر تقرير البعثة الأوروبية متضمنًا نحو 109 ملاحظات تم تضمينها في 20 توصية تدور جميعها فى إطار عدم اتِّباع مصر نظامًا رقابيًا محكمًا أو نظام تتبع للمنتج السمكي وفقًا للمتطلبات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي؛ مما أدى إلى تعليق تصدير المنتجات المصرية، واستئنفت علمية التصدير مرة أخرى في فبراير 2025.
إجراءات حاسمة من الهيئة القومية لسلامة الغذاء
واستجابة لهذه التحديات، وضعت الهيئة القومية لسلامة الغذاء خطة عمل متكاملة تضمنت: “تشديد الرقابة على مصانع تجهيز وتعبئة الأسماك للتأكد من الالتزام بالاشتراطات الدولية، وإعداد برامج تفتيش دورية تشمل عمليات الصيد، التخزين، والتداول، وطبيق نظم التتبع والرقابة الحديثة التي تتيح معرفة مصدر المنتج ومراحل مروره حتى التصدير، وكذلك التدريب المستمر للعاملين في القطاع على أفضل الممارسات الصحية ومعايير الاتحاد الأوروبي.
شهادات مطابقة تعزز الثقة
ضمن هذه الخطة، حرصت الهيئة على إصدار شهادات مطابقة للمنتجات الموجهة للتصدير، بعد إجراء الفحوصات المخبرية المطلوبة للتأكد من خلوها من أي ملوثات أو مواد محظورة.
كما تم تفعيل آلية الاعتماد للمصانع المؤهلة للتصدير، بحيث لا يتم السماح إلا للمصانع التي تستوفي المتطلبات الفنية الأوروبية، وهو ما عزز الثقة لدى المستوردين الأوروبيين.
وكانت النتيجة عودة قوية للصادرات بفضل هذه الجهود، وتم الإعلان عن استئناف تصدير الأسماك المصرية إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوة وصفتها الهيئة بأنها نجاح استراتيجي للصناعات الغذائية المصرية، وفتح جديد لأسواق طالما كانت تمثل هدفًا رئيسيًا للمنتجين المحليين.
هذا الاستئناف لا يقتصر أثره على تعزيز حجم الصادرات فحسب، بل يرفع من سمعة مصر التصديرية، ويؤكد قدرتها على تلبية أعلى المعايير العالمية.
العائد من استئناف تصدير الأسماك المصرية للسوق الأوروبي
وعن العائد على مصر من عودة تصدير الأسماك للسوق الأوروبي، يمكن تلخيصه في عدة نقاط:
-زيادة فرص النفاذ للأسواق العالمية ذات القوانين الصارمة.
-رفع القيمة المضافة للمنتجات المصرية، ما يزيد من تنافسيتها.
-تعزيز ثقة المستوردين في المنظومة الرقابية المصرية.
خطوة نحو التوسع
وأكدت الهيئة أن هذه العودة ليست سوى بداية، إذ تعمل بالتعاون مع القطاع الخاص على التوسع في تصدير منتجات بحرية متنوعة، وليس فقط الأسماك التقليدية، لتلبية احتياجات الأسواق الأوروبية والخليجية.
مواد التعبئة تحت المجهر.. كيف تضمن سلامة الغذاء
وقد لا ينتبه المستهلك العادي إلى خطورة المواد التي تلامس الغذاء أثناء التعبئة أو التخزين، لكنها تمثل عنصرًا حاسمًا في ضمان سلامة الطعام، فأي خلل في جودة هذه المواد يمكن أن ينقل ملوثات كيميائية أو ميكروبية إلى الغذاء، ما يشكل خطرًا مباشرًا على الصحة العامة.
كشفت الهيئة القومية لسلامة الغذاء عن تكثيف جهودها الرقابية في هذا القطاع، الذي يشمل المصانع المنتجة للمواد الملامسة للأغذية، مثل البلاستيك، الزجاج، المعادن، المطاط، الكرتون، الورق، والخزف، إضافة إلى مصانع أجهزة الطبخ وماكينات التعبئة والتغليف.
وأفاد التقرير بأن الهيئة نفذت 15 جولة ميدانية على منشآت تصنيع المواد الملامسة للغذاء في عدة محافظات، من بينها القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، الشرقية، الدقهلية، سوهاج، والمنوفية.
وتهدف هذه الحملات إلى التحقق من التزام المصانع بالاشتراطات الفنية، وضمان خلو المواد المستخدمة في التعبئة من أي مكونات ضارة قد تتسرب إلى الغذاء أثناء التخزين أو النقل.
أسفرت الجهود الرقابية عن تسجيل منشأتين جديدتين لدى الهيئة، ليرتفع إجمالي عدد المنشآت المعتمدة في هذا القطاع إلى 712 منشأة، وهو مؤشر على تزايد التزام الشركات بتطبيق معايير سلامة الغذاء والحصول على الاعتماد الرسمي.
تلعب مواد التعبئة والتغليف دورًا أساسيًا في الحفاظ على جودة الغذاء، لكن استخدامها بشكل خاطئ أو تصنيعها بمواد غير مطابقة قد يؤدي إلى: تسرب مواد كيميائية إلى الطعام (مثل الملدّنات أو المعادن الثقيلة)، وتلوث ميكروبي نتيجة سوء النظافة أثناء التصنيع، وفقدان الغذاء لقيمته الغذائية بسبب تفاعل المواد الملامسة معه.
لذلك تفرض الهيئة ضوابط صارمة على هذه الصناعات لضمان سلامة المستهلكين.
التقنيات الحديثة في الرقابة
أشارت الهيئة إلى أنها تطبق أنظمة متطورة لمراقبة جودة هذه المنتجات، تشمل تحليل العينات في معامل متخصصة، وفحص مقاومة المواد للتفاعل مع مختلف أنواع الأطعمة، خاصة في درجات الحرارة العالية أو أثناء التخزين طويل الأمد.
رسالة للمصنعين
شددت الهيئة على أهمية التزام الشركات المنتجة للمواد الملامسة للأغذية بالمواصفات المعتمدة، والحصول على تراخيص التشغيل قبل طرح منتجاتها في السوق، مؤكدة أن أي مخالفة ستقابل بإجراءات قانونية صارمة تصل إلى سحب المنتج من الأسواق أو إيقاف خطوط الإنتاج.
رسالة للمستهلكين
دعت الهيئة المستهلكين إلى تجنب استخدام العبوات مجهولة المصدر، خاصة البلاستيكية، وعدم إعادة استخدام العبوات المخصصة للاستعمال مرة واحدة، حفاظًا على الصحة.