مشروع رأس الحكمة.. كيف سيستفيد المواطن من صفقة الـ 150 مليار دولار؟
في 23 فبراير 2024، وقعت مصر والإمارات العربية المتحدة اتفاقية تاريخية لمشروع رأس الحكمة على الساحل الشمالي، وتضمنت الاتفاقية استثمارات إماراتية ضخمة بقيمة 150 مليار دولار، مما أثار تساؤلات حول طبيعة هذه الاستثمارات وتأثيرها على الاقتصاد المصري.
وينتظر المواطن المصري عائد الصفقة الكبرى على الاقتصاد المصري بفارغ الصبر، حيث عاشت البلاد خلال الفترة الماضية وحتى إعلان عن الصفقة أزمة كبيرة جراء التضخم وعدم استقرار الأسعار في الأسواق وارتفاع السلع الاستراتيجة، وهو ما كان له أثرا كبيرا على الأسرة المصرية.
كما تعاني مصر من أزمة في العملة الصعبة -وجود سعرين للدولار رسميا وفي السوق السوداء- أثرت على عجز في استيراد المواد الخام وأخطرها الأدوية.
ويعرض مضمون في التقرير التالي كيف سيستفيد المواطن من صفقة الـ 150 مليون دولار؟، وتأثير مشروع رأس الحكمة على الاقتصاد المصري.
مشروع رأس الحكمة في ميزان الخبراء
من الجانب العمراني، قال الدكتور سعيد حسانين، أستاذ التخطيط العمراني، إن تطوير مدينة رأس الحكمة ضمن مخطط أعدت له الدولة خلال الفترة السابقة لتطوير الساحل الشمالي، موضحا أن المدينة تصل مساحتها إلى 170.8 مليون متر مربع أي أكتر من 40 ألفا و600 فدان لاستيعاب عدد كبير من السكان حوالي 300 ألف نسمة حتى تستطيع أن تدير الأماكن المختلفة.
وأضاف أستاذ التخطيط العمراني، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلاميين باسم طبانة وسارة سراج، ببرنامج «هذا الصباح»، المذاع على شاشة قناة «إكسترا نيوز»، أن الفرص الاستثمارية لهذه المدينة كبيرة جدا حيث أنها تعتبر مدينة واعدة وتمثل نقطة بداية في تنفيذ مخطط تنمية الساحل الشمالي بالكامل.
وأشار إلى أن مدينة رأس الحكمة يوجد بها أنشطة تجارية وأنشطة سياحية ترفيهية مختلفة والمعتمدة على وجود أجمل شواطئ العالم في هذه المنطقة، بالإضافة إلى ظهير اقتصاد أخضر بجانب السياحة التراثية، موضحا أن المشروع يتضمن إقامة المدارس والجامعات والمستشفيات والمباني الإدارية والخدمية، ويشمل منطقة حرة خدمية خاصة تحتوي على صناعات تكنولوجية وصناعات خفيفة وخدمات لوجستية بالإضافة إلى إنشاء حي مركزي للمال والأعمال من أجل استقطاب الشركات.
وعن تأثيره عل السياحة، قال محمد فاروق، الخبير السياحي، إن مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة يعتبر طفرة تنموية على خريطة السياحة العالمية لأن دراسة المشروع توضح أنه سيتم إنشاء مطار دولي في جنوب المدينة بالإضافة إلى إقامة 2 ميناء لدعم وتعزيز سياحة اليخوت مما يزيد من الاستثمارات الإماراتية في قطاع الطيران الذي يملك أسطول طيران كبير جدا ويؤدي إلى حل جزء كبير في مشكلة مصر التي تخص الطيران والنقل البحري.
وأضاف الخبير السياحي، خلال مداخلة، ببرنامج «هذا الصباح»، المذاع على شاشة قناة «إكسترا نيوز»، أن استخدام أسطول دولة الإمارات سيساعد على النقل من أوروبا إلى بحر السياحي المصري بصفة عامة سواء كان رأس الحكمة أو غير ذلك، بالإضافة إلى النقل إلى إفريقيا مؤكدا على ضرورة استخدام الميزة النسبية في النقل بين أوروبا وإفريقيا وبين أوروبا والشرق الأقصي بالإضافة إلى السوق الأمريكية مما يعني أنها ستكون نقطة وسط في النقل بين محطات دول العالم.
وأكد فاروق أن هتمام الدولة المصرية بالبنية التحتية على مدار الـ10 أعوام الماضية ساعد بشكل كبير للغاية على هذا الاتفاق بين مصر والإمارات حيث أن كثرة الموانئ في هذه المدينة خلقت حركة مرور عالية جدا إلى السخنة مما يؤثر على استثمارات الفنادق والسياحة في العاصمة الإدارية الجديدة والعين السخنة.
ومن الناحية الاقتصادية، قال الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، إن المنطقة الشمالية الغربية لمصر لم تُستغل بالشكل الأمثل إذ أنها كانت تفتقر إلى البنية التحتية التي تؤهلها إلى استثمار مثل مشروع رأس الحكمة، موضحًا أن مصر على مدار آخر 10 أعوام بدأت في الاهتمام بالبنية التحتية ومدينة العلمين نموذج لتسويق هذه المنطقة.
وتابع الخبير الاقتصادي، أن مدينة رأس الحكمة قادرة على إحداث الطفرة في الاقتصاد المصري باعتبارها أنها ليست تجمع عمراني وسياحي فقط حيث أنها تمثل الاستثمار الأضخم في تاريخ الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تاريخ مصر، بالإضافة إلى أنها ستكون بداية لتحريك جميع القطاعات الاقتصادية، إذ أن هذا المشروع لم يتوقف أنه قائم بنفسه فقط أنما يتكامل مع كافة القطاعات الاقتصادية موضحا أنه يدعم العمالة المصرية ويتم إنشاءه بشركات مصرية قطاع حكومي وقطاع خاص وبمواد خام مصرية مما يخلق حالة من التكامل واستعادة المسار الصحيح للاقتصاد المصري.
وأشار البهواشي، إلى أن الحكومة المصرية تتفق مع شركة إماراتية على أكبر صفقة استثمارية، تهدف إلى تطوير منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي، تأتي الشراكة في ضوء الجهود لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث أعلن رئيس مجلس الوزراء أنه سيكون للدولة المصرية 35% من أرباح المشروع.
مشروع رأس الحكمة.. نموذج للاقتصاد الأزرق المستدام
أكد السفير مصطفى الشربيني سفير ميثاق المناخ الأوروبي والخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ، أن مشروع رأس الحكمة هو الشكل النموذجي المستدام الذي سيمكننا من فتح آفاق التنمية في السياحة البيئية، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية قدمت نموذجا رائعا في بناء الشراكات لتحقيق الأهداف العالمية.
وقال السفير مصطفى الشربيني – في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط السبت، إننا لدينا في مصر الفرص الذهبية للاستثمار في البيئة الساحلية والأدوات المالية والاستثمارات اللازمة للوصول إلى اقتصاد أزرق مستدام، حيث يمكن أن يعود كل دولار يتم استثماره في العمل في مجال السياحة الساحلية بفوائد بقيمة 5 دولارات.
ونبه إلى أهمية استراتيجية التنمية المستدامة من خلال العمل في الاقتصاد الأزرق كأداة لتحقيق رؤية مصر، حيث يشارك الاقتصاد الأزرق في نمو مستدام قد يصل إلى 40% بحلول 2052 من حجم الاقتصاد المصري، جنبا إلى جنب مع التوجه نحو الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري وهذا يعد أمرا بالغ الأهمية لتحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة.
وأضاف الشربيني إنه لدى الدولة المصرية القدرة على أن تكون من الاقتصاديات الكبيرة القائمة على المناطق الاقتصادية البحرية وهو ما سيحققه مشروع رأس الحكمة.. مشددا على أن مسار الاقتصاد الأزرق يمثل نهجا قويا لأن مصر لديها أكثر من 3200 كيلومتر من الشواطئ البحرية ولديها مناطق اقتصادية بحرية عظيمة لم تستغل الاستغلال الأمثل وأن مثل هذه المشروعات العملاقة، مشروع رأس الحكمة الذي يعد من الأصول والمقومات لبناء نموذج فريد في قطاع السياحة الساحلية، التي ستقدم مساهمات معززة ومستدامة في النمو الاقتصادي والازدهار للدولة المصرية.
وأوضح سفير ميثاق المناخ الأوروبي، أن النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية المرنة تعد نظما أساسية للتنمية المستدامة مع وجود ملايين العاملين من جميع أنحاء مصر في المناطق الاقتصادية البحرية، والتي تشمل القطاعات الأخرى ذات الأهمية الحاسمة لمرونة قطاعات الاقتصاد الأزرق وبخاصة قطاع السياحة الساحلية.. منوها بأن الاقتصاد الأزرق ضروري لسبل عيش الشعب المصري، وأن الاستثمارات على الصعيد العربي ستستمر في التركيز على الاستثمارات منخفضة الكربون حتى نتمكن من بناء شراكات لتحقيق نمو مستدام والتغلب على تحديات التغيرات المناخية التي تعمل على تباطؤ التنمية المستدامة.
ونوه الشربيني إلى الدور المهم الذي تلعبه البيئة الساحلية والبحرية في تنظيم درجة حرارة الأرض، وامتصاص ثاني أكسيد الكربون، ودعم التنوع البيولوجي وسبل العيش، وقد بدأنا في إدراك مدى تأثير الاقتصاد الأزرق الإيجابي على تغير المناخ.
يُشار إلى أن مدينة رأس الحكمة تعد جزءا من مخطط الدولة المصرية 2052 لتنمية الساحل الشمالي، وجعل المدينة على خريطة السياحة العالمية.
ورأس الحكمة، هي قرية تابعة لمدينة مرسى مطروح، بمحافظة مطروح، تبلغ مساحتها 55 ألف فدان، وتقع على الساحل الشمالي، وتمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالي الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح التي تبعد عنها 85 كم.