تحليل مضمون

محمد نصر يحلل: ثورة المقاطعة الزملكاوية.. هل أسقطت إعلان الأهلي أم زادته قوة؟

لم يكن مجرد إعلان تقليدي، بل كان زلزالًا عاطفيًا هزّ جدران الانتماء الكروي في مصر، وتجاوز حدوده إلى نقاش واسع حول “حدود التعبير” و”أدبيات المنافسة”.

الكاتب الصحفي محمد نصر

تحليل كتبه: محمد نصر

              رئيس تحرير موقع مضمون

إعلان النادي الأهلي، الذي أنتجته شركة اتصالات مصر، لم يمكث طويلًا على المنصات الرسمية، لكنه ترك وراءه أثرًا رقميًا بالغ القوة، وعددًا فلكيًا من التفاعلات، جعل منه ظاهرة إعلامية تستحق التفكيك والتحليل.

ففي أقل من 72 ساعة، تحوّل الإعلان إلى محور اهتمام جماهيري وإعلامي، تصاعدت فيه مشاعر الفخر، وسُجّلت فيه اعتراضات، وأُثيرت حوله تساؤلات عن حدود اللعب بالنار في تسويق الانتماء الرياضي.

من حملة إعلانية إلى عاصفة جماهيرية

 

البداية حين، أطلقت شركة “اتصالات مصر” إعلانها الجديد تحت شعار “شبكة الأهلاوية“، في حملة رقمية استهدفت جماهير النادي الأهلي، أحد أكبر الأندية شعبية في الوطن العربي.

استخدمت الحملة “هاشتاج” موحد:#اتصالات_شبكه_الاهلاويه، لربط الهوية الرياضية بالخدمة التجارية، بأسلوب تعبوي لافت يتقاطع مع مفردات الجماهير ويضرب على أوتار العاطفة الكروية.

لكن سرعان ما انتقل الإعلان من كونه “مادة ترويجية” إلى مادة اشتعال جماهيري، بعد أن اعتبرته جماهير الزمالك إسقاطًا مستفزًا يمس من كرامتهم الكروية، وهو ما فتح الباب أمام سيل من الردود الساخنة والمحتدمة.

أبرز المتفاعلين

رغم الحذف والإعتذار.. ماذا حقق إعلان الأهلي الجديد؟

 

ورغم الحذف السريع من على المنصات المختلفة، إلا أن إعلان الأهلي الجديد من شركة اتصالات مصر (إي آند مصر) حقق انتشاراً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، والأرقام المتعلقة بعدد المشاهدات تختلف حسب المصادر، وذلك بناءً على المعلومات التى رصدناها بأدوات القياس والإحصاء، واستعنا فيها بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ففي منصة إكس حقق الإعلان أكثر من 38 مليون مشاهدة على المنصة، مصحوباً بحملة هاشتاج #اتصالات_شبكه_الاهلاويه التي تضمنت 8,011 تغريدة من 2,074 حساباً.

وفي يوتيوب، حقق أحد مقاطع الإعلان 259 ألف مشاهدة خلال يوم واحد، فيما حقق مقطع آخر 24 ألف مشاهدة في غضون 23 ساعة، بينما في تيك توك، حقق أحد المقاطع المتعلقة بالإعلان 57.8 ألف مشاهدة، وآخر حصل على 26.9 ألف مشاهدة.

وتعكس الأرقام المذكورة جزءاً من الانتشار على منصات محددة (إكس، يوتيوب، تيك توك) ولا تمثل العدد الإجمالي للمشاهدات عبر كل المنصات.

تغريدة من مشجع أهلاوي
تغريدة من مشجع أهلاوي

دلالات أرقام قياسات الذكاء الاصطناعي

 

وبتحليل أعمق للتفاعلات والتعليقات عبر المنصات الرئيسية (إكس، يوتيوب، تيك توك)، مع التركيز على طبيعة التفاعل، والمشاعر المرتبطة، والسياق الاجتماعي رصدنا:

 

  1. منصة إكس

الحملة الإعلانية ارتبطت بهاشتاج “#اتصالات_شبكه_الاهلاويه”، الذي سجل 8,011 تغريدة من 2,074 حساباً، مما عكس تفاعلاً كبيراً على المنصة، كما أن الإعلان نفسه حقق 38 مليون مشاهدة، مما يشير إلى انتشار واسع، لكنه لم يترجم بالضرورة إلى تفاعل إيجابي بالكامل بسبب الجدل.

طبيعة التعليقات:

إيجابية: جمهور الأهلي رحب بالإعلان بشكل عام، معتبراً أنه يعزز هوية النادي ويبرز قوة جماهيره، وركزت التعليقات الإيجابية على جودة الإنتاج والفكرة التسويقية التي تربط خدمات الشركة بجمهور الأهلي.

سلبية: جمهور الزمالك اعتبر الإعلان مسيئاً، خاصة بسبب مشهد يُفسر على أنه يحمل تلميحاً ساخراً تجاه نادي الزمالك. هذا أدى إلى موجة غضب واسعة، مع دعوات لمقاطعة الشركة ووسم “#مقاطعه_اتصالات_مصر” الذي انتشر بشكل ملحوظ.

محايدة/تحليلية: بعض الحسابات حاولت تحليل الإعلان من منظور تسويقي، مشيرة إلى أن الشركة ربما لم تتوقع هذا المستوى من الحساسية بين الجماهير، خاصة في ظل التنافس الرياضي التاريخي بين الأهلي والزمالك.

الاتجاهات:

– التفاعلات السلبية من جمهور الزمالك سيطرت على النقاش، مما دفع الشركة لسحب الإعلان من منصاتها الرسمية.

 

  1. يوتيوب

مقاطع الإعلان على يوتيوب حصدت أرقاماً متفاوتة، مثل 259 ألف مشاهدة لمقطع واحد في يوم، و24 ألف مشاهدة لآخر في 23 ساعة، مما يعكس اهتماماً كبيراً بالإعلان قبل حذفه.

طبيعة التعليقات:

إيجابية: التعليقات من مشجعي الأهلي أشادت بالإنتاج العالي الجودة والرسالة التسويقية التي تركز على “شبكة الأهلاوية”، ورأت بعض التعليقات أن الإعلان يعكس قوة العلامة التجارية للأهلي.

سلبية: تعليقات من جمهور الزمالك وصفت الإعلان بأنه “مستفز” و”غير محترم”، مع مطالبات بسحبه واعتذار رسمي، وبعض التعليقات ركزت على المشهد الذي يُنظر إليه كإساءة.

محايدة-lتحليلية: بعض القنوات على يوتيوب، مثل تلك التي تناقش أخبار الرياضة والإعلانات، قدمت تحليلات للجدل الدائر، مشيرة إلى أن الشركة ربما أخطأت في تقدير حساسية الجمهور الرياضي.

الاتجاهات:

– بعد حذف الإعلان من القنوات الرسمية، ظهرت نسخ غير رسمية تم رفعها بواسطة مستخدمين، مما ساهم في استمرار التفاعل، وحاولت مقاطع تحليلية على يوتيوب (مثل قنوات رياضية) استغلال الجدل لزيادة المشاهدات، مما يعكس كيف تحول الإعلان إلى مادة نقاش عام.

 

  1. تيك توك

ظهرت مقاطع متعلقة بالإعلان وسجلت أرقام مشاهدة جيدة، مثل 57.8 ألف مشاهدة و26.9 ألف مشاهدة لبعض الفيديوهات، مما يعكس اهتماماً كبيراً بالمحتوى المتعلق بالإعلان، خاصة بين الشباب.

– طبيعة التعليقات:

إيجابية: بعض الفيديوهات التي نشرها مؤثرون أهلاوية أشادت بالإعلان، مع التركيز على الفكرة التسويقية ودورها في تعزيز صورة الأهلي.

سلبية: فيديوهات من مشجعي الزمالك ركزت على الإساءة المزعومة، مع تعليقات تحث على المقاطعة أو تسخر من الشركة، وبعض المستخدمين استخدموا مقاطع الإعلان لصناعة محتوى ساخر.

محايدة: بعض الفيديوهات حاولت مناقشة الجدل بشكل موضوعي، مثل فيديو على تيك توك أشار إلى أن الشركة لم تقصد الإساءة، لكن المشهد المثير للجدل كان يمكن تجنبه.

الاتجاهات:

تيك توك كان منصة رئيسية لتداول الميمات والمحتوى الساخر المتعلق بالإعلان، مما ساهم في زيادة انتشاره حتى بعد الحذف، ورغم  استجابة الشركة بنشر بيان يوضح أن الإعلان لم يكن يهدف إلى الإساءة، لكن هذا لم يخفف من حدة التعليقات السلبية على تيك توك.

أجواء مشحونة أشعلت الجدل

 

الإعلان جاء في سياق التنافس الرياضي الشديد بين الأهلي والزمالك، مما جعل أي محتوى يرتبط بأحدهما عرضة للتفسيرات الحساسة.

وكان لردود الفعل السلبية من جمهور الزمالك الداعية لمقاطعة الشركة الراعية، قوة تأثير عبر وسائل التواصل الاجتماعي مما دفع الشركة لاتخاذ قرارات سريعة بسحب الإعلان.

ومن منظور تسويقي، فقد أحدث الإعلان جدلا ربما أراده صانعوه من حيث الانتشار، حيث أصبح حديث الساعة على المنصات.

وهذا ما تشيره له تحليل التفاعلات على منصة إكس والتى تشمل “إعادة التغريد، الإعجابات، والتعليقات”،وبناءً على السياق، يمكن تقدير أن نسبة كبيرة من التفاعلات (حوالي 60-70%) كانت من جمهور الأهلي (إيجابية)، بينما 30-40% كانت سلبية (خاصة من جمهور الزمالك مع وسم “#مقاطعه_اتصالات_مصر”).

وأظهرت مؤشرات الذكاء الاصطناعي أن التقدير تقريبي لحجم التفاعل على منصة إكس حوالي 100,000-150,000 تفاعل (إعجابات، إعادة تغريد، تعليقات) استناداً إلى نسبة التفاعل النموذجية على إكس (0.3-0.5% من المشاهدات).

وعلى يوتيوب حقق الإعلان تفاعلا كان مزيجاً من الإيجابية (جمهور الأهلي) والسلبية (جمهور الزمالك)، وبناءً على معدلات التفاعل النموذجية على يوتيوب (0.5-1% تعليقات من المشاهدات)، يمكن تقدير حوالي 2,500-5,000 تعليق، مع نسبة 50% إيجابية، 40% سلبية، و10% محايدة، كما تقدر حجم الإعجابات/المشاهدات: تقديرياً، حوالي 10,000-20,000 إعجاب و1,000-2,000 “عدم إعجاب” بناءً على الجدل.

وعلى تيك توك وبافتراض أن المقاطع المتعلقة بالإعلان (رسمية وغير رسمية) حققت حوالي 200,000 مشاهدة إجمالاً، نظراً لطبيعة تيك توك كمنصة سريعة الانتشار بين الشباب وبناءً على معدلات التفاعل العالية على تيك توك (1-2% من المشاهدات)، يمكن تقدير 2,000-4,000 تعليق، مع نسبة 60% إيجابية (خاصة من مؤثرين أهلاوية) و30% سلبية (سخرية أو انتقاد)، والإعجابات: تقديرياً، 10,000-15,000 إعجاب بناءً على الانتشار.

 

المنصةالمشاهداتالتفاعلات
إكس “تويتر سابقا”38,000,000100,000-  150,000 (إعجابات، إعادة تغريد، تعليقات)
يوتيوب500,00012,500- 25,000 (إعجابات، تعليقات، عدم إعجاب)
تيك توك200,00012,000- 19,000 (إعجابات، تعليقات)

الإجمالي: 38,700,000 مشاهدة – وإجمالي التفاعلات التقريبية:  ~124,500-194,000 تفاعل.

وبالقراءة التلحليلة والرصد، فقد لوحظ أن إكس كانت المنصة الأكثر تأثيراً من حيث المشاهدات، بسبب طبيعتها كمنصة نقاش عامة في مصر، خاصة في القضايا الرياضية، أما يوتيوب شهدت تفاعلاً معتدلاً، لكن حذف الإعلان قلل من استمرارية التفاعل، فيما كانت منصة تيك توك مركزاً للمحتوى الساخر والميمات، مما جعل التفاعلات أكثر ديناميكية ولكن أقل عدداً مقارنة بإكس.

 

تأثير حملة المقاطعة.. هل سقط إعلان الأهلي بعد احتاجات الزملكاوية؟

 

وفي المقابلة من حملات دعم وتأيد إعلان الأهلي الجديد، التى دعمها مشجعيه، ظهرت حملة مناهضة لمقاطعة الشركة الراعية للإعلان، تحت هاشتاج “#مقاطعه_اتصالات_مصر” ونظراً لمحدودية البيانات الرسمية حول تأثير المقاطعة، تم الاتجاه نحو تقديرات منطقية بناءً على الأنماط المتاحة.

نموذج من التغريدات المهاجمة لإعلان الأهلي الجديد

وبعد تدشين الهاشتاج، خرجت ادعاءات بأن 475,000 خط تم إغلاقهم في 3 ساعات فقط، مما يعني خسارة محتملة بقيمة 47.5 مليون جنيه شهرياً للشركة الراعية، إذا افترضنا أن كل خط يُشحن بمتوسط 100 جنيه شهرياً، وهذا الرقم قد يكون مبالغاً فيه، حيث لا توجد بيانات رسمية من الشركة تؤكد إلغاء هذا العدد من الخطوط، ومع ذلك، فإن التفاعل مع الهاشتاج الداعي للمقاطعة يشير إلى أن الحملة وصلت إلى مئات الآلاف من المستخدمين، مع المشاهدات على منصات أخرى.

ولو افترضنا أن نسبة صغيرة (مثل 10%) من هذا الرقم صحيحة، فإن 47,500 خط بمتوسط إنفاق 100 جنيه شهرياً يعني خسارة 4.75 مليون جنيه شهرياً  – بدون بيانات رسمية.

وبالاستنتاج وفقا إلي النسب التقديرية العالمية التى تتوقع نسب خسائر مؤقتة لحملات المقاطعة الإنفعالية من 2-5% في أسوأ الحالات، وبالنظر إلى أن إي آند مصر لديها ما يزيد عن 30 مليون مشترك (بناءً على تقديرات سوق الاتصالات في مصر)، فإن خسارة 2-5% تعني 600,000-1,500,000 مشترك محتملين، لكن هذا الرقم قد يكون مبالغاً فيه، وبافتراض أن متوسط الإيراد لكل عميل  100 جنيه شهرياً، فإن خسارة 600,000 مشترك تعني خسارة 60 مليون جنيه شهرياً. لكن، نظراً لعدم تأكيد هذه الأرقام، الخسارة الفعلية قد تكون في حدود 10-20 مليون جنيه على المدى القصير، مع احتمالية التعافي بعد تهدئة الجدل.

أجواء ما بعد الإعلان.. كيف اشتعلت النيران؟

 

وخارج المنصات الاجتماعية أثرت أراء بعض الإعلاميين على إثارة الجدل، فتعليقات شخصيات مثل عمرو أديب، الذي وصف الإعلان بأنه “متميز” لكنه أضاف عبارات ساخرة، زادت من الجدل والتفاعلات مما زاد من تأثير حملة المقاطعة.

وأشارت منشورات على إكس إلى أن بعض العملاء بدأوا في نقل خطوطهم إلى شركات مثل فودافون أو أورانج، ورغم أن هذا السلوك قد يكون مؤقتاً، حيث أن حملات المقاطعة الرياضية غالباً ما تكون عاطفية وتتلاشى مع الوقت. ومع ذلك، بعض المستخدمين شككوا في جدوى المقاطعة، مشيرين إلى أن شركات أخرى (مثل فودافون) أنتجت إعلانات مثيرة للجدل في الماضي ولم تفلح حملات المقاطعة.

ومن جانبه، تقدم نادي الزمالك بشكوى رسمية للنائب العام والمجلس الأعلى للإعلام، مما زاد من الضغط على الشركة، وطالبت التعليقات على إكس بإقالة مدير التسويق وفرض عقوبات على مسؤولي الإعلان، مما يعكس رغبة جمهور الزمالك في محاسبة الشركة.

تفعيل حملة المقاطعة وتغير خط
تفعيل حملة المقاطعة وتغير خط

ميزان مختصر لإعلان الأهلي الجديد وحملة المقاطعة

 

كان جلياً وجود انقسام واضح بين غضب جمهور الزمالك ودعم جمهور الأهلي، مع تأثير كبير للمؤثرين والإعلاميين في تضخيم الجدل، صاحبه انتقال بعض العملاء إلى شركات منافسة، لكن التأثير قد يكون مؤقتاً بسبب استجابة الشركة السريعة.

وتقدر المشاهدات للإعلان بحوالي 38.85-39.15 مليون مشاهدة، مع تفاعل كبير مع حملة المقاطعة على إكس  تقدر بـ (50,000-100,000 تفاعل).

وتشير التقديرات التى أشارنا لها سابقا تفصيلا، إلي أن الخسائر المحتملة للشركة بقيمة 10-20 مليون جنيه شهرياً بسبب إلغاء خطوط أو انخفاض اشتراكات، لكن هذا مؤقت وغير مؤكد بدون بيانات رسمية، وتقدر  التعليقات بحوالي 16,900-53,000 تعليق عبر المنصات، مع سيطرة المشاعر السلبية من جمهور الزمالك.

 

معلومات عن الكاتب

عضو نقابة الصحفيين المصريين، وكاتب محتوي معتمد بخبرة واسعة في الصحافة الرقمية وإدارة المحتوى.
خبير في هندسة الأوامر الخاصة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مع معرفة متقدمة في تكامل أدوات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الرقمي، وحاصل على دبلومة هندسة الأوامر من مؤسسة دبي للمستقبل و مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي.

زر الذهاب إلى الأعلى