لماذا لم يرفع أردوغان علامة رابعة في وجه السيسي؟
لطالما عُرف الرئيس رجب طيب أردوغان بمواقفه المناوئة للنظام المصري تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والداعمة لجماعة الإخوان المصنفة كجماعة إرهابية داخل الحدود المصرية وبعض البلدان العربية في خطوة تضامنية مع مصر.
أردوغان بمواقفه الداعمة للإخوان بطبيعة التقارب الأيديولوجي بين حزبه العدالة والتنمية وبين منهج الجماعة، للدرجة التى أطلق عدد من عناصرها عليه ـ أردوغان – خلفية المسلمين، وهو ما دفعهم للهجرة للخليفة العثماني للاحتماء به خوفا من المساءلة القانونية في مصر على خلفية اتهامات بالانتماء للجماعة الإرهابية والقيام ببعض الأعمال العدائية ضد الدولة.
تركيا يوجد بها عدد ليس بالقليل من قيادات وشباب جماعة الإخوان، وتبث منها عدة قنوات تهاجم ليل نهار النظام المصري، والسيسي بالطبيعة الحال، بعد إزاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي للجماعة الإرهابية ـوفق القانون المصري ـ باعتباره زعيم الانقلاب على الرئيس الشرعي ابن الجماعة.
أردوغان لم يكن بعيدا عن المشهد السياسي المصري الداخلي عقب الإطاحة بمرسى، فخرج كثيرا بين أنصاره في أوقات عدة على مدار ما يزيد عن 10 أعوام مهاجما النظام المصري الجديد، واصفا ما حدث فى ثورة 30 يونيو بالإنقلاب وملوحا بعلامة رابعة – الأصابع الأربعة – التى اتخذها الإخوان علامة مناوئة لنظام السيسي ومذكرة بأحداث فض تجمعهم الأكبر في ميدان رابعة الشهيرة بالقاهرة والذي تغير اسمه فيما بعد لنظام هشام بركات النائب العام المغدور به والذي يطلخ دمه أيد الجماعة الإرهابية في عملية اغتيال شهيرة تكشفت خيوطها فيما بعد.
لماذا تغير موقف أردوغان من نظام السيسي؟
وبعد سجالات من الخلاف بين البلدين استمرت 10 سنوات، تغير على حين غرة الموقف التركي وتقاربت المواقف بعد التباعد النسبي بين البلدين، خاصة ملف العدوان الإسرائيلي على غزة وإنهاء الحرب الإسرائيلية وإعادة الإعمار.
وبالرجوع للوراء، كانت للمصالحة المصرية القطرية دورا كبيرا في إصلاح العلاقات بين البلدين الكبيرين في المنطقة، وهما مصر وتركيا، وكان للأمير تميم بن حمد دورا فاعلا في ملف إنهاء الخلاف ظهر جليا في مصافحة تاريخية وثقتها عدسات الكاميرات في المارسون الكروي الأشهر حول العالم عندما حضرا السيسي وأردوغان افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم في الدوحة.
بعدها تعاهدا الطرفان بالبدء في ملف عودة العلاقات بين البلدين، بدأها الرئيس التركي بزيارة القاهرة في فبراير الماضي 2024، ما أثمر عن دعوة مماثلة لزيارة الرئيس المصري لأنقرة وهي الدعوة التى لباها الرئيس السيسي الأربعاء 4 سبتمبر 2024 ليصبح تاريخا لزيارة استثنائية عادت معها العلاقات الرسمية كاملة بعد توقيع عدة اتفاقيات تعاون مشتركة بين البلدين تكللتها مواقف موحدة بالنسبة لغزة ورفض تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن محور فيلادليفيا التى اعتبرها النظاميين محاولة إسرائيلية لتبرير فشله في غزة.
تصريحات نتنياهو قال فيها إن محور فيلادليفيا التى تسيطر عليه القوات الإسرائيلية والواقع على الحدود المصرية، كان معبرا لدخول السلاح من مصر إلي حماس في غزة، في محاولة من رئيس الوزراء اليهودي لتبرير تواجد قواته في محور صلاح الدين الذي يعتبر خرقاً لمعاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل.
هل تغير الموقف المصري من أردوغان؟
على العكس من أردوغان ظل الموقف المصري في التعامل مع العلاقات التركية ثابتا طوال عشر سنوات، لم تطالب فيها مصر من تركيا وعلى رأسه أردوغان سوى عدم التدخل في شأنها الداخلي.
كما لم تطلب مصر رسميا من تركيا ـ وإن كان حدث في الغرف المغلقة ـ بتسليم قيادات الإخوان المتواجدة في أراضي تركيا لمصر والمدانين بأحكام جنائية، كما لم تعقب على انتشار القنوات المنتقدة للنظام المصري من أنقرة، وظلت السياسية المصرية حكيمة في تعاملها مع تركيا بل لم تنقطع العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين واستمرت مزدهرة حتى في أوج الخلاف السياسي بين البلدين.
رغم الخلافات.. التجارة لم تنقطع بين مصر وتركيا
وبلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين خلال عام 2023 نحو 5,875 مليار دولار حيث شهدت الصادرات السلعية المصرية إلى تركيا ارتفاعًا كبيرًا وسجلت 2,934 مليار دولار مقارنةً بحوالى 2,288 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2022 بنسبة زيادة 28%.
وتعتبر تركيا أكبر مستقبل للصادرات المصرية خلال عام 2023 ومن أهم الشركاء التجاريين لمصر ومن أبرز الصادرات المصرية للسوق التركى خلال عام 2023 شملت المنتجات الكيماوية والأسمدة، ومواد البناء، والغزل والمنسوجات، والسلع الهندسية والإلكترونية والملابس الجاهزة، والحاصلات الزراعية.
كما الواردات السلعية من تركيا سجلت انخفاضًا ملموسًا خلال عام 2023 حيث بلغت 2,941 مليار دولار مقارنةً بحوالى 3,573 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2022 وبنسبة انخفاض بلغت 17.68%.
تفاصيل زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا
كشف أحمد حمدي، محرر شئون رئاسة الجمهورية بأخبار اليوم، تفاصيل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تركيا في أول زيارة رسمية له منذ توليه الرئاسة.
وقال في مداخلة هاتفية مع الإعلامية فاتن عبد المعبود ببرنامج «صالة التحرير» المذاع على قناة صدى البلد، إنه تم مناقشة الخطوات المشتركة بين مصر وتركيا من أجل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في عدة مجالات.
وتابع: الرئيس السيسي شهد توقيع عدة مذكرات تفاهم وتعاون مشتركة بين مصر وتركيا في عدة مجالات كالطاقة والنقل والصناعة والاستثمار والعمل، وغيرها من القطاعات الأخرى.
وأوضح أنه تم التأكيد على الاتفاق حول موقف كلا من مصر وتركيا بشأن موقف إطلاق النار في غزة، مع التأكيد على ضرورة التوصل لحل سلمي بين جميع الأطراف.
وأكمل: زيارة الرئيس السيسي لتركيا هي تعاون مثمر عملت عليه الدولتين، حيث تعتبر بمثابة زيارة تاريخية وهامة في ظل الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية خلال الفترة الماضية.
رغبة مشتركة بين مصر وتركيا للتعاون في مجال الطائرات المسيرة
قال الدكتور وائل غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، إن مصر وتركيا تحتاجان لرؤية واسعة في التعامل مع التطورات الحالية، وزيادة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وتابع نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، خلال لقائه مع الإعلامية فاتن عبدالمعبود ببرنامج صالة التحرير المذاع على قناة صدى البلد، أن هناك رغبة مشتركة بين مصر وتركيا للتعاون بعدد من المجالات وخاصة الطائرات المسيرة، مضيفا: زيارة الرئيس السيسي لتركيا تؤكد على قوة العلاقة بين البلدين.
كما أشار رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، إلى أن مصر وتركيا يجب عليهما التعاون المشترك في الملفات الشائكة والمتوترة، موضحا أن التعاون يساعد على الضغط في القضية الفلسطينية، لإيجاد حل جذري لوقف إطلاق النار.
وذكر أن مصر وتركيا ترفضان ما يحدث في قطاع غزة، موضحا أن الدولة التركية لها تأثير ودور في الضغط على الجانب الأمريكي لإجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار بالأراضي الفلسطينية، موضحا أن الجانب الأمريكي هو من يتحكم في الصراعات الإسرئيلية.
وأكمل غباشي، إن التقارب بين مصر وتركيا سيكون له دور كبير في التوصل لحل بشأن وقف إطلاق النار في غزة، بجنب المساهمة في حل أزمة ليبيا أيضًا.
وتابع مختار غباشي: من الأهمية أن يكون هناك توافق عربي مع تركيا وإيران للتوصل إلى سرعة حل أبرز القضايا التي تعاني منها بعض الدول في المنطقة العربية.
وأوضح أن هناك بعض الاتفاقيات المشتركة القديمة بين مصر وتركيا، ومن بينهما اتفاقية التجارة الحرة التي أبرمت عام 2005، بالإضافة إلى اتفاقية التبادل العسكري عام 2008، كما أن إصلاح العلاقات المصرية مع تركيا؛ يُحسن علاقات تركيا مع الدول العربية، لأن مصر تتمتع بعلاقات طيبة وجيدة مع الدول العربية، على عكس تركيا.
ولفت غباشي، إلى أن حجم العلاقات والتبادل التجاري بين مصر وتركيا الآن تقدر بحوالي 10 مليار دولار، وتوجد رغبة كبيرة لرفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 15 مليار دولار.
أردوغان يخالف البروتوكول التركي خلال استقبال السيسي
الرئيس التركي رجب أردوغان كان حريصا على التواجد في انتظار الرئيس السيسي بمطار أنقرة، ثم اصطحابه للقصر الرئاسي في أنقرة، وهو ما يعد كسرا اقواعد البروتوكول المتعارف عليه في تركيا، وهو ما عتبره الإعلامي أحمد موسى،الذي طالما هاجم نظام أردوغان بداية لصفحة جديدة.
وأجرى الرئيسان مباحثات أثناء التحرك من المطار إلى قصر الرئاسة، ومن ثم إتمام السلام الوطني لمصر، ومصافحة الوفد التركي للرئيس السيسي، ومن ثم الرئيس التركي يصافح الوفد المصري.
ووقال موسي خلال برنامجه: هناك توافق مصري تركي، وهناك قطع بحرية تركية موجودة في مصر، ستتحرك مع القطع المصرية المقاتلة إلى السواحل الصومالية، خلال الأيام المقبلة.
تداعيات زيارة الرئيس السيسي لتركيا إقليميا ودوليا
قال الإعلامي أحمد موسى، إن زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا ومقابلة الرئيس التركي ركب طيب أردوغان؛ لها تداعيات كبيرة على كافة المستويات الإقليمية والدولية بين البلدين، مضيفا أن مصر تمتلك رؤية وقدرة استراتيجية لقراءة الأحداث في منطقة الشرق الأوسط والإقليم.
وتابع أحمد موسى: «مفيش عداء دائم في السياسة، ودائما الناس اللي بتشتغل في العلوم السياسية بيقولوا مفيش حاجة اسمها مش هعمل ده».
وأوضح الإعلامي أحمد موسى، أن تركيا اتخذت خطوات إيجابية وجيدة خلال الفترة الماضية من خلال تغيير سياستها الخارجية، في إطار تحسين علاقتها بالدول العربية على رأسهم مصر، مشيرًا إلى أن الانفراجة في العلاقات المصرية التركية سيكون مردودها كبير في كافة مجالات التعاون المشتركة بين البلدين.
واختتم الإعلامي أحمد موسى: زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا، تعتبر في غاية الأهمية، وسيكون لها تداعيات كبيرة في مجال العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا خلال الفترة المقبلة.
كيف يرى الإعلام التركي استقبال أردوغان للرئيس السيسي؟
كشف محمد زاهد جول، رئيس تحرير اندبندنت التركية، كواليس استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مطار أنقرة.
وأضاف في مداخلة هاتفية على قناة صدى البلد، أن الرئيس أردوغان كسر البروتوكولات الرسمية باستقباله للرئيس السيسي على باب الطائرة في مطار أنقرة بتركيا.
وتابع: من المعتاد أن أردوغان لا يذهب لاستقبال أي مسئول في المطار، واستقباله للرئيس السيسي على باب الطائرة يؤكد على أهمية الضيف بالنسبة لأنقرة.
وأوضح رئيس تحرير اندبندنت التركية، أن عملية استقبال أردوغان للرئيس السيسي في المطار؛ لها أهمية كبيرة ودلالة عظمى، فالضيف هنا يعتبر استثنائيا من الدرجة الأولى.
وأكد أن زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا جاءت لمناقشة العديد من الملفات المشتركة بين البلدين، وتوقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية لتعزيز التعاون المشترك بين مصر وتركيا في المنطقة.
وأردف: التعاون بين مصر وتركيا هو المفتاح لرسم ملامح الاستقرار وإعادة الإعمار في المنطقة العربية، ومصر والسعودية وتركيا قادرون على تغيير واجهة الشرق الأسط وقيادته إلى السلام ولازدهار.
واختتم جول: هناك توافق مصري تركي لحل مشاكل القرن الإفريقي، كما هناك اتفاق بين البلدين على حقوق الصومال ودعمها أمنيًا لإعادة الاستقرار في بلادها مرة أخرى.
حال الإخوان بعد زيارة الرئيس السيسي لتركيا
وصفت وسائل الإعلام التركية، ما يحدث بين مصر وتركيا، بزيارة تاريخية، حيث أن زيارة اليوم هي الأولى للرئيس السيسي منذ توليه الرئاسة.
وقال الإعلامي أحمد موسى: الجماعة إياهم يعيشون أسوء أيامهم في الفترة الحالية، بعد زيارة الرئيس السيسي لـ أنقرة التركية.
وتابع: ” لقطة الرئيس السيسي ونظيره التركي في المطار دي تبكيهم.. طب والله بتبكيهم .. فيه ناس محبين للبلد بيدعموا .. والي بيكرهوا البلد دول أعدائنا بجد ومش بيبحبوا البلد”.
السلام بلبيبا والسودان وغزة في مباحثات أردوغان والسيسي
من جانبه، قال السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة الرئيس السيسي لتركيا؛ استراتيجية، وفي وقت شديد الخطورة على المنطقة مع زيادة الحروب والاضطرابات الجيوسياسية.
وتابع أن مصر وتركيا تمتلكان القدرة لإعادة المنطقة إلى رشدها، مضيفا أن الرئيسين أكدا أن الوضع المقلق في الشرق الأوسط لن يستمر، وسيتم وقف إطلاق النار مع إقامة دولة فلسطينية.
كما أوضح حجازي، أن هناك ملفات مشتركة في القاهرة وأنقرة، يمكن الاستفادة منها لدعم منطقة الشرق المتوسط، وإقامة منظمة غاز المتوسط، مع الاستفادة من العلاقات الوطيدة.
وذكر أن مصر وتركيا، تمتلكان القدرة على خوض جهود سياسية لتحقيق السلام في لبيبا والسودان وغزة، معلقا: يجب الشراكة بين البلدين لإعادة إعمار الدول المتأزمة.
وتابع أن مصر وتركيا، تواصلان الجهود المشتركة في مجالات التصنيع والطاقة النووية، وذلك للوصول إلى تبادل تجاري بين البلدين بقيمة 15 مليار دولار خلال 5 سنوات.