شات جي بي تي ChatGPT .. أسئلة مهمة عن تكنولوجيا روبوتات الدردشة
شات جي بي تي ChatGPT ، روبوت الدردشة الذي يديره ما يُسمى الذكاء الاصطناعي التوليدي، والذي يعِد بإحداث ثورة في طريقة تفاعل الأشخاص مع أجهزة الكمبيوتر، أصبح من النقلات النوعية الحقيقية نادرة الحدوث في العالم المعاصر.
أثار “شات جي بي تي” ضجة عالمية منذ إطلاقه في نوفمبر الماضي، عبر تقديمه إجابات تبدو معقّدة ولكن بلغة بسيطة، على أي نوع من الأسئلة تقريباً.
وتراهن شركات التكنولوجيا العمالقة مثل “مايكروسوفت”، و”جوجل”، و”بايدو” (Baidu) بثقلها على هذه التقنية الجديدة القادرة على قلب سوق البحث المربح رأساً على عقب، على الرغم من العيوب الخطيرة المحتملة التي ظهرت في استخدام هذه التقنية على نطاق واسع.
ونعرض فيما يلي أهم 8 أسئلة تجاوب عن تكنولوجيا شات جي بي تي ChatGPT وفقا لـ بلومبرج.
1-ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
تستخدم هذه الأنظمة “شبكات عصبونية” مستوحاة من بنية المخ البشري، وتتعلم إنجاز المهام بطرق مشابهة، لا سيما من خلال التجربة والخطأ. أثناء تدريب هذه الأنظمة، تُزوّد بكميات هائلة من المعلومات (على سبيل المثال: كل الكتب الأفضل مبيعاً في قائمة “نيويورك تايمز” خلال 2022)، ثم تُكلف بإنجاز مهمة ما من خلال استخدام تلك البيانات، وقد تكون تلك المهمة مثلاً كتابة تقديم أو ملخّص ترويجي لرواية جديدة. مع مرور الوقت، تُحدّد لها الكلمات والجمل المنطقية، وأيضاً تلك التي لا معنى لها، بحيث تتحسن المحاولات التالية. الأمر أشبه بطفل يتعلّم نطق كلمات صعبة بتعليمات من أحد والديه. فهي تتعلم شيئاً فشيئاً، لتستخدم تلك القدرة في المحاولات القادمة. وما يجعلها مختلفة تماماً عن نظم الحاسوب القديمة، هو تعدّد الاحتمالات في النتائج التي تتوصل إليها، مما يعني أن الإجابات ستكون مختلفة في كل مرة، لكنها ستصبح تدريجياً أكثر ذكاءً وسرعة ودقة.
2-كيف يعمل شات جي بي تي؟
شات جي بي تي هو الإصدار الأحدث من “جي بي تي” (GPT: Generative Pre-Trained Transformer)، وهي فئة من برامج الذكاء الاصطناعي المنتجة للنصوص، طوّرها مختبر شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) التي يقع مقرها في مدينة سان فرانسيسكو. تُدرَّب برامج “جي بي تي” خلال عملية تُدعى التعليم غير الخاضع للإشراف، تتضمن إيجاد أنماط في مجموعة بيانات دون إعطاء أمثلة مصنّفة أو تعليمات واضحة لما يجب البحث عنه.
وأُدخلت على الإصدار الأحدث “جي بي تي- 3.5″، نصوص من كل أرجاء الإنترنت، بما في ذلك “ويكيبيديا” (Wikipedia) والمواقع الإخبارية والكتب والمدونات، لتكون إجاباته ذات صلة ومدروسة.
وأضاف “شات جي بي تي” واجهة محادثة في أعلى “جي بي تي-3.5″، مع الإشارة إلى أن النظم مثل “تشات جي بي تي”، تولّد سلاسل مقنعة من الكلمات، لكن ليس لديها فهم متأصل لأهميتها، أو ما إذا كانت متحيزة أو مضللة، إذ إن كل ما تعرفه هو أنها تشبه ما سيقوله شخص ما.
3- من يقف خلف “أوبن إيه آي”؟
تأسست “أوبن إيه آي” كمؤسسة غير هادفة للربح، وشارك في تأسيسها المبرمج ورائد الأعمال سام ألتمان، وهي تهدف إلى تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الذي “يفيد البشرية كلها”.
حروب محركات الدردشة بدأت بغض النظر عن مدى “ذكائها”
من ضمن أوائل المستثمرين فيها، المؤسسة الخيرية التي يديرها ريد هوفمان، الشريك المؤسس في “لينكد إن” (LinkedIn)، وشركة “كوسلا فينشرز” (Khosla Ventures)، وإيلون ماسك الذي أنهى مشاركته فيها عام 2018. وقد تحوّلت “أوبن إيه آي” لتأسيس كيان غير هادف للربح في 2019، عندما استثمرت “مايكروسوفت” فيها مليار دولار.
4-كيف تجاوب الناس مع ظهور شات جي بي تي؟
أكثر من مليون شخص سجّلوا أنفسهم لاستخدام “شات جي بي تي” عقب إطلاقه في أواخر نوفمبر، فيما ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بمستخدمين يجرّبون استخدامات مرحة منخفضة المخاطر للتكنولوجيا.
وتشارك البعض ردوده على أسئلة تافهة مبهمة، فيما تعجّب آخرون من جدالاته التاريخية المعقدة، ومقالاته لطلاب الجامعة، وكلمات أغاني موسيقى البوب، وقصائده عن العملات المشفرة، وخطط الوجبات التي تلبي احتياجات غذائية معينة، وحلول مشكلات البرمجة. وبفضل هذا الاهتمام، سُلّط الضوء على منتجات “أوبن إيه آي” الأخرى، مثل برنامج يمكنه هزيمة الإنسان في ألعاب الفيديو، وأداة تُدعى “دال-إي” (Dall-E) يمكنها رسم الصور –من الواقعية الفوتوغرافية إلى الخيالية- استناداً إلى الأوصاف النصية.
شركات صينية تدعو للحذر وسط الضجة المحيطة بـ”ChatGPT”
5- من هم الرابحون من ChatGPT ؟
شركات التكنولوجيا العملاقة مثل “مايكروسوفت” رأت في الذكاء الاصطناعي التوليدي فرصة لقلب طريقة تصفّح المستخدمين للإنترنت رأساً على عقب. فبدلاً من البحث في عشرات المقالات عن موضوع ما ونقل سطر من النص ذي الصلة من الموقع، يمكن لهذه النُظم تقديم ردّ مفصل. وقد وطدت “مايكروسوفت” علاقتها بـ”أوبن إيه آي” في يناير، باستثمار قيمته 10 مليارات دولار على سنوات عدة، ما منحها حقاً جزئياً للمطالبة بأرباح “أوبن إيه آي” المستقبلية مقابل القوة الحاسوبية لشبكة “مايكروسوفت أزور” (Microsoft’s Azure) السحابية.
وقالت “مايكروسوفت” إنها ستدمج أحد أنواع “تشات جي بي تي” في محرك البحث “بينغ” (Bing)، حيث شكّل ذلك الإعلان تحدياً لعملاقة البحث المنافسة، شركة “غوغل”، التي ردّت في فبراير بالإطلاق اللاحق للذكاء الاصطناعي الخاص بها لمحادثات “بارد” (Bard). وكذلك، تخطط “بايدو” لإطلاق برنامج دردشة آلي يعمل بالذكاء الاصطناعي.
6- هل تستفيد مجالات أخرى؟
تتجاوز الإمكانات الاقتصادية لنظم الذكاء الاصطناعي التوليدية، البحث على الإنترنت، إذ تسمح للشركات بنقل خدمة العملاء الآلية إلى مستوى جديد من التطور، لتنتج إجابة ذات صلة من المرة الأولى، بحيث لا يبقى المستخدمون في انتظار التحدّث إلى إنسان. كما يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي صياغة منشورات المدونات والأنواع الأخرى من محتوى العلاقات العامة للشركات التي كانت ستحتاج إلى مساعدة كتّاب ومؤلفي الإعلانات.
7- ما حدود قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
يمكن أن تبدو الإجابات التي يجمعها الذكاء الاصطناعي من معلومات من مصادر غير مباشرة موثوقة، لدرجة أن المستخدمين قد يفترضون أنه تحقق من دقتها، بينما ما يفعله في الحقيقة هو إخراج نص واضح، يبدو ذكياً، لكنه قد يكون ناقصاً أو متحيزاً أو خاطئاً بشكل جزئي أو غير منطقي في بعض الأحيان.
فكفاءة هذه الأنظمة تعتمد على البيانات التي تتدرب عليها. وبتجريدها من السياق النافع -مثل مصدر المعلومات، وببضع أخطاء مطبعية وعيوب أخرى- يمكن أن يشير ذلك في الأغلب إلى مادة غير موثوقة. ويمكن للمحتوى الذي ينتجه “تشات جي بي تي” أن يصبح كحقل ألغام لمن ليس لديه معرفة كافية في موضوع ما، لأنهم لن يلاحظوا الرد المعيب. وبسبب هذه المشكلة، قام موقع “ستاك أوفر فلو” (StackOverflow) لبرمجة الحاسوب، والذي يضم منتدى لنصائح الترميز، بحظر ردود “تشات جي بي تي”، لعدم دقتها غالباً.
8- هل توجد مخاطر أخلاقية لـ شات جي بي تي ChatGPT ؟
عندما يتطوّر ذكاء الآلة، تتطور معه احتمالات الخداع وارتكاب الأخطاء. أوقفت “مايكروسوفت” روبوت الذكاء الاصطناعي “تاي” (Tay) في 2016، بعدما علّمه بعض المستخدمين الإدلاء بملاحظات عنصرية ومتحيزة جنسياً. كما واجه برنامج الذكاء الاصطناعي الذي طورته “ميتا بلاتفورمز” المشكلة ذاتها في 2022.
حاولت “أوبن إيه آي” بدورها تدريب “تشات جي بي تي” على رفض الطلبات غير المقبولة لتحدّ من قدرته على نشر خطاب الكراهية والمعلومات المضللة. شجع ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ”أوبن إيه آي”، الناس على “رفض” أي ردود بغيضة أو عدائية لتحسين النظام، لكن بعضهم وجدوا طرقاً للالتفاف على ذلك. قد لا تستوعب أنظمة الذكاء الاصطناعي التحيزات الجنسية والعنصرية التي يلاحظها الإنسان في الكتب والنصوص الأخرى، وهو ما يمثّل سلاحاً مضللاً محتملاً.
كذلك، يخشى أساتذة الجامعات من استخدام طلابهم لروبوتات الدردشة لأداء الواجبات المدرسية التي تُطلب منهم. وإلى ذلك، قد يجد المشرعون أنفسهم غارقين بكميات كبيرة من خطابات تبدو من ناخبين يشكون تشريعاً مقترحاً، من دون أن يعرفوا ما إذا كانت تلك الشكاوى حقيقية، أو أن روبوت محادثة تستخدمه إحدى شركات الضغط قام بكتابتها.