تعريفات ترامب الجمركية.. هل ينقلب السحر على الساحر؟
يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرض رسوم جمركية واسعة النطاق على الواردات القادمة من كندا والمكسيك والصين، حيث سيتم فرض رسوم بنسبة 25% على السلع المستوردة من كندا والمكسيك، و10% على الواردات الصينية.
الرسوم الجمركية هي ضرائب تُفرض على السلع المستوردة، ما يزيد من تكلفتها عند دخولها البلاد، وفي حالة الولايات المتحدة، فإن الشركات الأمريكية المستوردة هي التي تتحمل هذه التكاليف، وليس الدول المصدرة، فعلى سبيل المثال، إذا استورد مصنع أمريكي للسيارات قطع غيار من المكسيك، فإنه سيكون ملزمًا بدفع الرسوم الجمركية عند دخولها الأراضي الأمريكية.
حرب تجارية
خلال حديثه في المكتب البيضاوي، أوضح ترامب أن قراره يستند إلى عدة أسباب، حيث قال إن تدفق المهاجرين بشكل “مروع وكبير”، وارتفاع معدلات تهريب المخدرات، إضافة إلى العجز التجاري الذي تتحمله الولايات المتحدة مع كندا والمكسيك، كلها عوامل دفعته لاتخاذ هذا القرار.
مسألة ما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى اندلاع حرب تجارية عالمية تظل محل جدل. في هذا الصدد نقلت شبكة رؤية الإخبارية عن صحيفة الجارديان البريطانية عن المستشار في حملة ترامب الانتخابية لعام 2024، برايان لانزا، قوله إنها ليست إعلانًا لحرب تجارية بل “تهديد تفاوضي”.
لكن في المقابل، يرى بعض المحللين أن خطة ترامب لفرض رسوم إضافية على السلع الأوروبية قد تؤدي إلى تصعيد انتقامي متبادل، حسب ما نشرت صحيفة الجارديان، السبت 1 فبراير 2025.
رئاسة ترامب الأولى
عندما فرض ترامب رسومًا جمركية على الواردات الصينية خلال رئاسته السابقة، ردت بكين بفرض رسوم على المنتجات الأمريكية، مثل فول الصويا والذرة، ما أضر بالمزارعين الأمريكيين الذين كانوا يعتمدون على السوق الصينية.
ونتيجة لذلك، اضطر ترامب إلى تقديم حزم دعم لتعويض خسائرهم، حيث انخفضت عائداتهم التصديرية بأكثر من 10 مليارات دولار بعد فرض الرسوم. ووفقًا لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، فقد تم إنفاق 92% من العائدات المحصلة من الرسوم الجمركية على الواردات الصينية لتعويض المزارعين.
مَن المتضرر؟
على المدى الطويل، المستهلكون هم الأكثر تضررًا، إذ تؤدي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، مما يزيد من تكلفة المعيشة، وفق الجارديان.
أما بالنسبة لترامب، فإن سيطرته على الكونجرس، حيث يتمتع الجمهوريون بالأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، تمنحه نفوذًا قويًا لتمرير سياساته.
لكن حتى في حال واجه مقاومة، فإن القانون الأمريكي يمنحه صلاحيات واسعة لفرض رسوم جمركية دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس، خاصة إذا كانت هذه الرسوم مبررة بحماية الأمن القومي أو الصناعات المحلية، أو تم فرضها في سياق “حالة طوارئ وطنية”، وهي مبررات فضفاضة تجعل الطعن القانوني ضدها معقدًا.
ماذا يريد ترامب؟
يرى ترامب أن هذه السياسة ستدفع الشركات الأمريكية لنقل مصانعها إلى داخل البلاد، حيث صرح قبل أسابيع من الانتخابات قائلًا: “كل ما عليكم فعله هو بناء مصانعكم داخل الولايات المتحدة، ولن تكون هناك رسوم جمركية”.
لكن الواقع أكثر تعقيدًا، إذ أن سلاسل التوريد العالمية مترابطة بشكل يجعل من الصعب على الشركات الانتقال بسرعة، كما أن تأسيس المصانع وتشغيلها يستغرق سنوات، ما يعني أن أي تحولات كبيرة في الصناعة لن تكون قابلة للتنفيذ خلال فترة ولاية ترامب إذا فاز بالانتخابات.
وختاما، ترى الجارديان أن سياسات ترامب الجمركية أداة تفاوضية قد تؤدي إلى ردود فعل متبادلة، ما يهدد بإشعال حرب تجارية عالمية؛ وبينما يروج ترامب لهذه الرسوم باعتبارها وسيلة لحماية الاقتصاد الأمريكي، فإن تأثيراتها قد تلقي بظلال سلبية على المستهلكين والشركات، وتخلق توترات اقتصادية دولية قد تكون عواقبها بعيدة المدى.