الوسيم الشقي والجان الأسمر.. قصة تمرد محمود عبد العزيز وأحمد زكي
محمود عبد العزيز وأحمد زكي، اسمان في عالم الفن وخاصة التمثيل لا يختلف اثنان على موهبتهما، وإن حدث سيكون في أولوية كتابة الاسم، فهما يتشاركان في الموهبة والإبداع ويختلفان في المضمون والمرجعيات وإن اتفقت الأهداف.
أحمد زكي ومحمود عبد العزيز جمعهما هدف الإبداع، واختلفا في طريقة الوصول للهدف، رغم اشتراكها في أعمال واحدة جمعتها معا ومشوارهما الفني الذي بدأ في نفس الفترة الزمنية تقريبا، لكن الأهم من ذلك جمعها تحدي واحد كان نقطة فارقة في مشوارهما الفني، حينما أصرا على تحطيم التابوهات والتمرد على اختيارات المخرجين والمنتجين.
اقرأ أيضا:
محمود عبد العزيز.. جوجل يحتفل بذكري ميلاد «الشيخ حسني»
حميد الشاعري يكشف حقيقة تسببه في إصابة أحمد زكي بالجلطة وطلب مليون دولار لغناء أغنية وطنية
ربما لو ترك محمود عبد العزيز وأحمد زكي الأمر للمخرجين والمنتجين لأصبح الساحر ضمن قائمة جانات السينما وأحمد زكي لكان أشهر بائس شقي أسود، زعيماً للعصابات وقاطعا للطرق، لينتهي مشوارهما ككثيرين حكمت عليهم ملامحهم لعمل أنواع محددة من الأدوار لا يجرؤن على الخروج منها وعليها، وإن حاولوا لن يسمح لهم سواء المخرجين أو المنتجين أو حتى الجمهور.
الاختلاف بين محمود عبد العزيز كان جوهريا عن أحمد زكي فكان من السهل على الوسيم الأبيض السير على درب رسمه له الإنتاج والإخراج ليصبح أحد جانات السينما منافسا لأسماء لازالت تتعامل على الساحة الآن كأجمل واشيك فنان دون اعتبارات للتمثيل نفسه، طريقا كان سهلا على الساحر السير فيه بنتيجة نجاح مضمونة ومقبولة لدي الجمهور، لكنه طريقا رفضه.
محمود عبد العزيز تمرد على أدوار الفتي الوسيم الرقيق ابن الناس، بل على العكس مما هو عليه حاول بشتي الطرق تقبيح ملامحه، فأظهر كرشا وفرق دفتي شعره كما حدث في أبو كرتونة واختار لغة لم يعتادها ولهجات لم يألفها ليصبح ابن شارع مدردح، كل هذا من أجل القضاء على وسامته.
وعلى عكس ما فعل الساحر، حاول أحمد زكي إثبات نفسه للمنتيجن والمخرجين من خلال التمثيل وكسر قعدته التى ضيعت منه أهم عمل رشح له في بداية مشواره الفني وهو فيلم الكرنك أمام سعاد حسني، حينها رفض وقتها بحجة “من هذا الأسود الذي ستحبه سعاد حسني”، هكذا كان مبررهم استنادا على مقاييس السوق ” البطل أبيض ووسيم ولا وسامة في أسود البشرة، لهؤلاء أدورهم كلصوص أو أبناء شوارع، وهكذا اعتادت السينما .. عنصرية في قمة تميزها.
بالتمثيل فقط والإبداع أثبتا نفسيهما محمود عبد العزيز وأحمد زكي، أجبرا الكل على قبول الفتي الأسمر كجان وبطل تحبه سعاد حسني وهي دون ذنب منها كان جمالها سببا في رفضه من قبل، وبالموهبة لم تردد جميلات السينما من مختلف الأجيال في الركض وراءه، ونج الجان الوسيم في التمرد على وسامته فركضت خلفه أيضاً الأدوار المختلفة فأصبح فلاحا وعاملات وبلطجيا وكفيفا.
أحمد زكي ومحمود عبد العزيز كان يعرفان قدر موهبتها، ويعرفان أنها ستنصفها لتضعهما على الطريق الصحيح نحو المجد، وربما بدون دارسة أو قصد عرفا أيضا ما يصلح لكل منهما هذا ما حدث عندما رشح أحمد زكي صديقه لدور الشيخ حسنى في فيلم الكيت كات فكان دور العمر له نال عليه العديد من الجوائز واختير ضمن أهم الأفلام، وهو الدور الذي رفضه زكي من منطلق التمرد أيضا وعدم التكرار بعدما قدم من قبل دور طه حسين في مسلسل الأيام.
هو التمرد ما جمعها لكن اختلفت الوجهات، تمرد أجبر وأقنع الجميع بقول وتصديق قصة حب بين سعاد حسني وليلي علوي وشيرين رضا ورغدة وبين الفتي الأسمر أحمد زكي ليصبح جان أسمر يقلده في قصة شعره وملابسه الشباب وتتغزل فيه الفتيات حتى وإن كان شقيا أو بلطجيا في تلك الأدوار.
محمود عبد العزيز رفض قصص الحب في اختياراته واختار قصص الناس، العمال وأبناءه الحي الجدعان والساحر الأب الشقي، وزرزو كبير سريحة المزاج “كبير على قديمه”.
أشياء كثيرة جمعت محمود عبد العزيز وأحمد زكي لكن نستطيع القول أنهما دائما كان على اختلاف، اختلاف المضمون بعدما جمها الهدف وإن تجاوزاه، هدف الوصول للناس والمرور للقلوب، لكن اختلفت المسيرة والمشوار، فكما للإنسان بصمة، للفنان كذلك إن فقدها ضاعت هويته، لذلك ستظل أسماء تذكر طالما ذكر عالم التمثيل، وبالطبع لن تخلو تلك الأسماء من العظيمين أحمد زكي ومحمود عبد العزيز، ولو اختلفت أولوية الأسماء وترتيبها.