تحليل مضمون

الأسباب السبعة لتخلي إيران عن نصرة غزة.. لماذا لم تُحارب؟

مع بداية الحرب على غزة، توقعت كثيرون أن يتسع الصراع في الشرق الأوسط، خاصة مع إيران الحليف المباشر لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» والتي تستهدفها في المقام خطط إسرائيل لوأد المقاومة في غزة، لكن لماذا لم تدخل إيران في حرب مع إسرائيل لنصرة غزة؟

 

وتوقعت الملجة الأمريكية «فورين بوليسي» في تقرير نشرته شبكة رؤية الإخبارية، انخفاض مؤشر الاحتمالات لنشوب حرب إقليمية، رغم الشعارات التي رددها المتشددون الإيرانيون، واعتبرت أن التفكير الاستراتيجي الإيراني أكثر حذرا.

وفي بداية حرب غزة، رحب الإيرانيون بالتدخل المباشر، لكن وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف حذر من رسالة كتبها مسؤولون إلى المرشد لإقناعه بالانخراط في الصراع مع إسرائيل.

أسباب عدم تدخل إيران في الحرب مع إسرائيل

 

وكشفت مجلة «فورين بوليسي» عن 7 أسباب ترجح تجنب طهران الحرب مع إسرائيل نصرة لحماس.

السبب الأول
لا تستطيع إيران حشد المجتمع للانخراط في حرب جديدة كما فعلت خلال الحرب مع العراق في الثمانينيات، حيث كانت التعبئة المتواصلة للموجات البشرية من بين عوامل أخرى، هي التي قاومت الجيش العراقي وأجبرت بغداد على الانسحاب من أراضي إيران.

ومع ذلك، بعد عدة عقود، انخفض دعم المجتمع للنظام السياسي بشكل ملحوظ، في أعقاب احتجاجات العام الماضي، بجانب الأزمة الاقتصادية الناجمة جزئياً عن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة، فضلا عن تصاعد السخط بين الشباب والطبقة المتوسطة في المناطق الحضرية.

السبب الثاني
حذر الفصيل المعتدل في الحكومة الإيرانية من التدخل المباشر في الحرب التي أدت لتعميق الانقسامات السياسية في طهران، وفي تقييم التهديد الذي يتبناه البعض، فإن تدمير حماس يرتبط تلقائيًا بالانهيار اللاحق لحزب الله، وفي نهاية المطاف، بشن هجوم عسكري على إيران، ولهذا السبب يدعمون استهداف القواعد الأمريكية بالعراق وسوريا من وكلاء بالمنطقة.

كما أن محمد جواد ظريف الذي يتمتع بنفوذ كبير بين النخب السياسية حذر من استمرار العواقب المدمرة لتورط إيران المحتمل في حرب مع الولايات المتحدة، وهو ما سترحب به إسرائيل.

السبب الثالث
وفق مجلة فورين بولسي الأمريكية، فإن فشل إسرائيل في ردع هجوم حماس، لا يغير حسابات طهران الاستراتيجية تجاه إسرائيل، ورغم اعتماد إسرائيل على تكنولوجيا دفاعية عالية التقنية مثل نظام الدفاع الصاروخي القبة الحديدية، فقد وجهت حماس ضربة عسكرية واستخباراتية كبيرة ضدها، وبالتالي حطمت سياسة الردع التي تنتهجها. لكن هذا لا يغير وجهة نظر إيران بشأن إسرائيل أو ديناميكيات القوة في المنطقة.

ورغم أن عملية حماس زعزعت استراتيجية الردع الإسرائيلية القائمة منذ فترة طويلة، فإنها لا توفر لإيران الفرصة لتحدي إسرائيل باستخدام القوة الصاروخية، وعلى العكس، قد تعتقد إيران أن إسرائيل تشعر أن إعادة الردع هي أولوية وجودية تستحق المخاطرة العسكرية أو السياسية غير العادية من أجلها.

السبب الرابع

وبخلاف الرأي السائد، لا حماس ولا حتى حزب الله وكيل لإيران؛ وسيكون من الأدق اعتبارهم حلفاء إيران من غير الدول، وحتى مع قيام حماس بمواءمة أفعالها مع إيران، فإن نهجها قد يتباين، في بعض المواقف أشارت الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية إلى أن كبار المسؤولين الإيرانيين لم يكونوا على علم بعملية حماس.

وفي منتصف نوفمبر، زعمت وكالة رويترز أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أبلغ زعيم حماس، إسماعيل هنية، أنه بما أن الحكومة الإيرانية لم تتلق أي تحذير بشأن الهجوم على إسرائيل، فإنها لن تدخل الحرب مع الحركة الفلسطينية.

السبب الخامس

لم يعلن شركاء إيران في موسكو وبكين عن دعمهم الكامل لحماس، ولقد سعت إيران إلى التحالف معهما في إطار سياستها الخاصة بالنظر إلى الشرق، ولن ترغب في إفساد علاقاتها معهما، وفي الواقع، تتبع طهران سياسة تجنب العزلة في الأزمات الدولية الكبرى. مثل التي تبنتها عند استيلاء طالبان على كابول قبل عامين.

السبب السادس
تأمل إيران أن تقطع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل نتيجة لحرب أوسع نطاق بين إسرائيل وحماس، ولا يعني هذا أن إيران راغبة في التخلي عن حماس، التي تمثل رصيدها الاستراتيجي في غزة، وبدلاً من الوقوف مكتوف الأيدي، من المرجح أن تستمر طهران في ممارسة الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، من خلال حزب الله الوكلاء في العراق وسوريا، دون تصعيد الصراع إلى حرب إقليمية واسعة النطاق.

السبب السابع
العامل الأخير والأكثر أهمية الذي يؤثر على إحجام إيران الواضح عن الانخراط في الحرب هو وجهة نظر خامنئي المحددة تجاه الصراعات الإقليمية، وخلافاً لوجهة النظر السائدة في الغرب، يتعامل المرشد الإيراني مع الاستجابات للصراعات الإقليمية من وجهة نظر واقعية وليس أيديولوجية.

فبعد أن شغل منصب رئيس إيران خلال الحرب المدمرة مع العراق، فإنه يدرك تمامًا عواقب الحرب، خاصة مع الولايات المتحدة، وقد دفع هذا الوعي إيران إلى اختيار رد فعل محسوب نسبيًا في أعقاب اغتيال الولايات المتحدة للجنرال الإيراني، قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري.

وينسجم هذا السلوك مع استراتيجيته الشاملة في التعامل مع الأزمات الإقليمية. قبل أكثر من عقدين من الزمن، عندما قُتل دبلوماسيون إيرانيون في شمال أفغانستان على يد إمارة طالبان الأولى، وساعد خامنئي وحسن روحاني، رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي في ذلك الوقت، في منع التصعيد.

زر الذهاب إلى الأعلى